للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

رابعًا: استدراكات أتباع التابعين

[٧٥] ﴿يُؤتِي الْحِكْمَةَ مَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْرًا كَثِيرًا وَمَا يَذَّكَّرُ إِلاَّ أُوْلُوا الأَلْبَابِ﴾ [البقرة ٢٦٩].

قال مالك بن أنس: (قال زيد بن أسلم: إن الحكمة العقل. قال مالك: وإنه ليقع في قلبي أن الحكمة هي الفقه في دين الله، وأمرٌ يدخله الله في القلوب من رحمته وفضله، ومما يبين ذلك أنك تجد الرجل ضعيفًا في أمر دينه، عاقلًا في أمر الدنيا إذا نظر فيها، وتجد آخَر ضعيفًا في أمر دنياه، عالمًا بأمر دينه، بصيرًا به، يؤتيه الله إياه ويحرمه هذا، فالحكمة الفقه في دين الله) (١).

* تحليل الاستدراك:

ذهب زيد بن أسلم (ت: ١٣٦) إلى أن الحكمة: العقل. وهذا القول معتمدٌ على اللغة، إذ أصل الحكمة: المنع (٢)، ومن معانيها: العقل؛ لأنه يمنع صاحبه من الجهل والهوى، قال ابن الأنباري (ت: ٣٢٨): (والحِكمَةُ: اسمُ العقل، وجمعها: حِكَم) (٣). كما أنه صحيحٌ في السياق، فالعقل من خير الله الكثير الذي يؤتيه من يشاء.

وذهب مالك (ت: ١٧٩) إلى أن الحكمة: العلم والفقه في دين الله، والتفكر في أمره، وإصابة الحق واتباعه (٤). وهو معنىً معتمِدٌ على اللغة؛ إذ من معاني الحكمة


(١) أخرجه ابن وهب في تفسيره ٢/ ١٣٠ (٢٥٦) عن مالك، وابن جرير في تفسيره ٣/ ١٢٥ (٤٨٤٠ - ٤٨٤٢)، وابن أبي حاتم في تفسيره ٢/ ٥٣٢ (٢٨٢٩)، وابن عبد البر في جامع بيان العلم وفضله ١/ ٨٣، ٧٥٧ (٧٠، ١٣٩٤ - ١٣٩٩). من طريق عبد الله بن وهب، عن مالك.
وإسناده صحيح.
(٢) ينظر: مقاييس اللغة ١/ ٣١١.
(٣) الزاهر ١/ ١١١.
(٤) هذا مجموع ما رُوِيَ عن الإمام مالك في معنى الآية، ينظر: المحرر الوجيز ١/ ٣٦٤، والجامع لأحكام القرآن ٣/ ٢١٣.

<<  <   >  >>