للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

الأول أقوى، وكانوا فيه أثبت، نحو صنعهم يوم بدر) (١).

* الحكم على الاستدراك:

(لم تكن نبوَّةٌ قط إلا كان قبلها جاهلية) (٢)، فهي فترةٌ تسبقُ مبعثَ كلِّ نَبيّ، وقد اتفق العلماء على أن قبل الإسلام جاهليةً مذمومةً في لسان الشرع، ثم اختلف المفسرون في تحديد زمن هذه الجاهلية، والأظهر أنها مابين عيسى ومحمد عليهما الصلاة والسلام (٣)، والذي أفادته الآية أن ثَمَّةَ جاهلية قبل الإسلام، من صفات نسائها التبرج، وقد ذَمَّه الله تعالى، وحذر منه نساء نَبِيِّه . وهذا ما فهمه عمر وابن عباس من الآية، ثم زاد ابن عباس مفهوم الآية، وأنه ما من أولى إلا ولها آخرة، فهنا جاهلية أخرى، حذرت منها الآية ضمنًا. ثم استدل على قوله، بنظير هذه الآية عنده في كتاب الله تعالى، وهو استدلال بأسلوب القرآن، وطريقته في الخطاب (٤). ويؤيد قول ابن عباس غيرما حديث عن رسول الله في ذكر خصالٍ وأخلاقٍ جاهلية في هذه الأمة، ومنها:


(١) التفسير الكبير ٢٣/ ٦٣.
(٢) جملةٌ من حديث عمران بن حصين مرفوعًا، أخرجه الترمذي في جامعه ٥/ ٣٢٢ (٣١٦٨)، وقال: (حسن صحيح).
(٣) عن ابن جرير، وهو قول الشعبي، ينظر: جامع البيان ٢٢/ ٨، وقال الزجاج: (والأشبه أن تكون من عيسى إلى زمن النبي ؛ لأنها هم الجاهلية المعروفون) معاني القرآن وإعرابه ٤/ ٢٢٥، واختاره مقاتل في تفسيره ٣/ ٤٥، والواحدي في الوسيط ٣/ ٤٦٩. وقد وردت كذلك في نصوص شرعية كثيرة. ينظر: شرح النووي على مسلم ١/ ٢٣٨، وفتح الباري ٧/ ١٨٤.
(٤) يعتني ابن القيم (ت: ٧٥١) كثيرًا بهذا النوع من الاستدلال في بيان معاني القرآن والسنة، ويُنظَر أمثلةً على ذلك في: التبيان في أقسام القرآن (ص: ١١٩، ١٨٤)، وجلاء الأفهام (ص: ١٨٨، ٢٥٨، ٥٣٩).

<<  <   >  >>