للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

* الحكم على الاستدراك:

يترجح في هذه الآية ما ذكره ابن عباس من أنَّه لا نَسْخَ فيها، لأمور منها:

أولًا: أن الأصل ثبات الحكم وبقاؤه، ولا يُصار إلى النسخ إلا ببَيّنةٍ من نصٍّ صحيحٍ صريحٍ يدلُّ عليه، قال ابن حزم (١) (ت: ٤٥٦): (لا يجوز لأحد أن يحمل شيئًا من البيان على أنه نسخ رافع لأمر متقدم إلا بنصٍّ جَليّ في ذلك، أو إجماع، أو برهان ضروري)، وقال: (لا يحل لمسلم يؤمن بالله واليوم الآخر أن يقول في شيء من القرآن والسنة: هذا منسوخ، إلا بيقين) (٢).

ثانيًا: أن النَسخَ إنما يُصار إلى القول به عند تعذر الجمع، أمَّا والجمع ممكنٌ فالجمعُ أولى، قال ابن عبد البر (ت: ٤٦٣): (ولا سبيل إلى نسخ قرآنٍ بقرآن، أو سُنَّة بسُنَّة، ما وُجِدَ إلى استعمال الآيتين، أو السُّنَّتَين سبيل) (٣)، وقال القرطبي (ت: ٦٧١): (فإذا أمكن العمل بالآيتين فلا معنى للقول بالنسخ) (٤).

ثالثًا: أنَّ حكم الناسخ في باب النسخ يُقابل الحكم المنسوخ، (فلو قال: لا تتَّقوه حقَّ تقاته، كان نسخًا) (٥)، قال النحاس (ت: ٣٣٩): (فهذا لا يجوز أن يُنسَخ؛ لأن الناسخ هو المخالف للمنسوخ من جميع جهاته، الرافع له، المزيل حكمه) (٦).


(١) علي بن أحمد بن حزم الأندلسي القرطبي، أبو محمد الظاهري، الفقيه الحافظ، صنف: «المُجَلَّى» ثم شرحه في المُحَلَّى. والإحكام في أصول الأحكام، وغيرها، توفي سنة (٤٥٦). ينظر: السير ١٨/ ١٨٤، والبداية والنهاية ١٢/ ٨٢.
(٢) الإحكام في أصول الأحكام ١/ ٤٧٦، ٤٩٧، وينظر: مذكرة أصول الفقه (ص: ١٦٣).
(٣) التمهيد ١/ ٣٠٧، وينظر: شرح الكوكب المنير ١/ ٢٩٨.
(٤) الجامع لأحكام القرآن ١٦/ ١٥١.
(٥) المُصَفَّى بأكف أهل الرسوخ (ص: ٢٢).
(٦) الناسخ والمنسوخ ١/ ٧٠، وينظر: ١/ ٢٨٢ طبعة: إبراهيم اللاحم.

<<  <   >  >>