للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

* الحكم على الاستدراك:

عُرِفَ ابنُ عيينة (ت: ١٩٨) بالاستنباطات الحسنة، والمنازِع المُستحسنة من الآيات (١)، ومن ذلك إدخاله المبتدعةَ في معنى الآية، فإن الابتداع افتراءٌ على الله ورسوله، كما قال تعالى ﴿قَدْ خَسِرَ الَّذِينَ قَتَلُوا أَوْلَادَهُمْ سَفَهًا بِغَيْرِ عِلْمٍ وَحَرَّمُوا مَا رَزَقَهُمُ اللَّهُ افْتِرَاءً عَلَى اللَّهِ﴾ [الأنعام ١٤٠]، وقال ﴿قُلْ أَرَأَيْتُم مَا أَنْزَلَ اللَّهُ لَكُمْ مِنْ رِّزْقٍ فَجَعَلْتُم مِّنْهُ حَرَامًا وَحَلَالًا قُلْ آللَّهُ أَذِنَ لَكُمْ أَمْ عَلَى اللَّهِ تَفْتَرُونَ﴾ [يونس ٥٩]، وقال ﴿وَيَجْعَلُونَ لِمَا لَا يَعْلَمُونَ نَصِيبًا مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ تَاللَّهِ لَتُسْأَلُنَّ عَمَّا كُنتُمْ تَفْتَرُونَ﴾ [النحل ٥٦]، وقال أيضًا ﴿وَلَا تَقُولُوا لِمَا تَصِفُ أَلْسِنَتُكُمُ الْكَذِبَ هَذَا حَلَالٌ وَهَذَا حَرَامٌ لِّتَفْتَرُوا عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ إِنَّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ لَا يُفْلِحُونَ﴾ [النحل ١١٦] (٢)، وقد شمل عموم قوله تعالى ﴿وَكَذَلِكَ نَجْزِي الْمُفْتَرِينَ﴾ [الأعراف ١٥٢] كُلَّ مُفتَرٍ على الله تعالى، فمن ثَمَّ صَحَّ تفسير ابن عيينة (ت: ١٩٨) للآية بذلك، مع ملاحظة أن أَوَّلَ المعاني دخولًا في الآية أصحاب العجل، ثم من شمله لفظ الآية بعدهم، قال ابن عطية (ت: ٥٤٦): (المُراد أوَّلًا أولئك الذين افتروا على الله في عبادة العجل، وتكون قُوَّةَ اللفظ تَعُمُّ كُلَّ مُفتَرٍ إلى يوم القيامة) (٣).

وقد ورد نحو قول ابن عيينة (ت: ١٩٨) عن جماعة من السلف، كجارية بن قدامة (٤)، وقيس بن عُبَاد (٥) (ت: بعد ٨٠)، وأبي قِلابَة (ت: ١٠٤)، والحسن


(١) ينظر: السير ٨/ ٤٥٨، وتفسير ابن عيينة (ص: ٣٥٦).
(٢) ينظر: التفسير الكبير ١٥/ ١٣، والاعتصام (ص: ٩٦).
(٣) المحرر الوجيز ٢/ ٤٥٨.
(٤) جارية بن قدامة بن مالك التميمي السعدي، صحابي على الصحيح، مات في ولاية يزيد. ينظر: الطبقات، لابن خياط ١/ ٤٤، والإصابة ١/ ٥٥٥.
(٥) قيس بن عُبَاد القيسي الضُّبَعي، أبو عبد الله البصري، ثقةٌ مُخضرم، من كبار التابعين، مات بعد الثمانين. ينظر: الكاشف ٢/ ٤٠٥، والتقريب (ص: ٨٠٥).

<<  <   >  >>