للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

• مَدْخَلٌ: حِرْصُ السَّلَفِ عَلَى تَصْحِيحِ الفَهْمِ لِمَعَانِي كِتَابِ اللهِ تَعَالَى.

ظهر اهتمام السلف بعلم التفسير جليًّا منذ نزول القرآن على رسول الله ، فقد حفظ الصحابة عن رسول الله ألفاظَ القرآن، وتفهموا معانيه، فعرفوا أكثَرَه بلسانِهم الذي نزل به القرآن، ﴿إِنَّا أَنزَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا﴾ [يوسف ٢]، وما أشكل عليهم معناه سألوا عنه رسولَ الله فبينه لهم كما أمره الله تعالى بقوله ﴿وَأَنزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ﴾ [النحل ٤٤]، وقوله ﴿وَمَا أَنزَلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ إِلاَّ لِتُبَيِّنَ لَهُمُ الَّذِي اخْتَلَفُوا فِيهِ﴾ [النحل ٦٤] (١)، وقد كانت أفعالُ رسولِ الله وأقواله وتقريراته بيانًا للقرآن الكريم، وتأوُّلًا لِمَا فيه، قالت عائشةُ تَصِفُ رسولَ الله : (كان خُلُقُهُ القرآن) (٢)، وقالت: (كان رسول يُكثِرُ أن يقول في ركوعه وسجوده: "سبحانك اللهم ربَّنا وبحمدك، اللهم اغفر لي"، يتأَوَّلُ القرآن) (٣).

ولم يعهَد رسولُ الله لأحدٍ من أصحابه بأمرٍ لم يعهده إلى الناس كافَّةً، قال عمَّار بن ياسر : (ما عهدَ إلينا رسولُ الله شيئًا لم يعهدهُ إلى الناسِ كافَّةً) (٤)، ولمَّا قيل لعلي بن أبي طالب : هل عندكم من رسول الله شيءٌ سوى القرآن؟ قال: (لا والذي فلَقَ الحبَّةَ وبَرَأَ النَّسمَة، إلا أن يُعطِي اللهُ ﷿ عبدًا فهمًا في كتابه، أو ما في هذه الصحيفة. قيل: وما فيها؟ قال: العقلُ، وفِكاكُ الأسير، وأن لا يُقتَلَ مسلمٌ بكافرٍ) (٥).


(١) ينظر: جامع البيان ١/ ٥٨، وشفاء الصدور (مخطوط، ص: ٩).
(٢) أخرجه مسلم في صحيحه ٢/ ٣٦٨ (٧٤٦)، وينظر: شرح النووي على مسلم ٢/ ٣٦٩.
(٣) أخرجه البخاري في صحيحه ٨/ ٦٠٥ (٤٩٦٨)، ومسلم في صحيحه ٢/ ١٥٠ (٤٨٤).
(٤) أخرجه مسلم في صحيحه ٦/ ٢٦٨ (٢٧٧٩).
(٥) أخرجه البخاري في صحيحه ٦/ ١٩٣ (٣٠٤٧)، ومسلم في صحيحه ٣/ ٤٩٧ (١٣٧٠).

<<  <   >  >>