استنكر عَديٌّ ﵁ حديثَ الآيات عن اتخاذ اليهود والنصارى- وهو العارف بعبادتهم- أحبارَهم ورهبانَهم أربابًا يعبدونهم من دون الله، وبنى استغرابه على اشتمال لفظة "أربابًا" لعامَّة صور العبادة وأظهرها، قولًا وفعلًا، ولم يكن منها في علم عديّ ﵁ عبادتهم بطاعتهم فيما لا يُطاع في مثله إلا الله تعالى؛ في التحليل والتحريم والتشريع، فقال:(إنهم لم يكونوا يعبدونهم) أي: العبادة المعهودة عنده ﵁، والتي منها الركوع والسجود والصيام، ونحو ذلك.
فجاء البيان النبوي الكريم ليبين معنىً جليلًا من معاني العبودية، وهو إفراد الله تعالى بالطاعة المطلقة في الأمر والنهي، والتحليل والتحريم، فمن أطاع غير الله تعالى في تحليل الحرام، أو تحريم الحلال، فقد عبده من دون الله، وهذا المعنى كثير الورود في القرآن الكريم، ومنه قوله تعالى ﴿أَلَمْ أَعْهَدْ إِلَيْكُمْ يَابَنِي آدَمَ أَنْ لاَّ تَعْبُدُوا الشَّيْطَانَ إِنَّهُ