للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

وأكَّدَ العموم في الآية جوابُ النبي لِسُبَيعة الأسلمية ، كما في الحديث. (١)

* الحكم على الاستدراك:

القول بأن عدَّة الحامل أن تضع حملها، أخذًا بعموم الآية هو الصواب، وعليه جمهور الصحابة، واتفقت عليه كلمة العلماء من السلف والخلف (٢)، ويُرجحه أمور منها:

أولًا: دلالة السنة النبوية الصحيحة عليه، كما في إذنه لسُبيعَة في النكاح لَمَّا وضعت حملها، وهذا الحكم والفتوى منه مُشتَقٌّ من كتاب الله، مطابقٌ له. (٣)

ثانيًا: أنَّ عموم الآية ظاهر، والأخذ به لازم، ولا يُعَكِّر عليه عموم الآية الأخرى في العدة في البقرة، فهما (من باب تعارض الأعَمَّيْنَ من وجه، والمقرر في الأصول الترجيح بينهما، والراجح منهما يُخَصَّصُ به عموم المرجوح .. ، وقد بَيَّنَت السنة الصحيحة أن عموم ﴿وَأُوْلاتُ الأَحْمَالِ﴾ [الطلاق ٤]، مُخَصِّصٌ لعموم ﴿وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنكُمْ﴾ [البقرة ٢٣٤]، مع أنَّ جماعةً من الأصوليين ذكروا أن الجُمُوع المُنَكَّرة لا عموم لها، ومن ثَمَّ فلا عموم في آية البقرة؛ لأن قوله ﴿وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا﴾ [البقرة ٢٣٤] جمعٌ مُنَكَّر فلا يَعُمُّ، بخلاف قوله ﴿وَاللاَّئِي يَئِسْنَ﴾ [الطلاق ٤]، فإنه مُضاف إلى مُعَرَّف بألْ، والمُضاف إلى المُعَرَّف بها من صيغ العموم) (٤). ثم مع القول بأن آية الطلاق جاءت


(١) أضواء البيان ١/ ١٧١.
(٢) وهو قول الأئمة الأربعة، والعلماء كافَّةً، إلا ما رُوي عن ابن عباس وعلي ، ومحمد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى، وسحنون من المالكية. ينظر: الاستذكار ٦/ ٢١٣، وبداية المجتهد (ص: ٤٦٦)، والمحلى ١١/ ٣٠١، والمغني ١١/ ٤٣، والجامع لأحكام القرآن ٣/ ١١٥، وشرح مسلم، للنووي ٤/ ٨٥، وزاد المعاد ٥/ ٥٣٠.
(٣) زاد المعاد ٥/ ٥٢٨.
(٤) أضواء البيان ١/ ١٧٢، وينظر نحوه في: شرح مسلم، للنووي ٤/ ٨٥، وزاد المعاد ٥/ ٥٣٠.

<<  <   >  >>