للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

رسول الله في الآيتين لكان القول ما قال عليٌّ وابنُ عباس؛ لأنهما عِدَّتان مُجتمعتان بصفتين، قد اجتمعتا في الحامل المتوفى عنها زوجها، فلا تخرج منها إلا بيقين، واليقين آخرُ الأجلين) (١)، وقال القرطبي (ت: ٦٧١): (وهذا نظرٌ حسنٌ، لولا ما يُعَكِّر عليه من حديث سُبَيْعةَ الأسلَمِيَّة) (٢). وفيه كذلك احتياطٌ للأنساب، وحفظٌ لها باحتساب أبعد الأجلين (٣).

وذهب أبو هريرة وأبو سلمة (ت: ٩٤) إلى أن أَجَلَ الحامل المُتَوَفَّى عنها زوجها أن تضع حملها، أخذًا بعموم آية الطلاق (٤)، قال ابن القيم (ت: ٧٥١) عن هذه الآية: (وهذا فيه عمومٌ من ثلاث جهات:

أحدها: عموم المُخبَر عنه، وهو: أولات الأحمال، فإنه يتناول جميعَهن.

الثاني: عموم الأجل، فإنه أضافه إليهن، وإضافة اسم الجمع إلى المعرفة يَعُمّ، فجعل وَضْعَ الحملِ جميعَ أجلهنّ، فلو كان لبعضهن أجلٌ غيره لم يكن جميعَ أجلهن.

الثالث: أنَّ المبتدأ والخبر معرفتان، أمَّا المبتدأ فظاهر، وأمَّا الخبر وهو قوله تعالى ﴿أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ﴾ [الطلاق ٤]، ففي تأويل مصدرٍ مضافٍ، أي: أَجَلُهن وضْعُ حملِهِن. والمبتدأ والخبر إذا كانا معرفتين اقتضى ذلك حصرَ الثاني في الأول، كقوله ﴿يَاأَيُّهَا النَّاسُ أَنْتُمُ الْفُقَرَاءُ إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ﴾ [فاطر ١٥]، وبهذا احتج جمهور الصحابة أن الحامل المتوفى عنها زوجها عدتها وضع حملها ولو وضعته والزوج على المغتسل) (٥).


(١) الاستذكار ٦/ ٢١٢، وينظر: أحكام القرآن، لابن العربي ١/ ٢٥٦، وفتح الباري ٩/ ٣٨٤.
(٢) الجامع لأحكام القرآن ٣/ ١١٥.
(٣) الإشارات الإلهية ١/ ٣٤١، والعذب النمير ٢/ ٨٧٧، و ٣/ ١٠٩٢.
(٤) الجامع لأحكام القرآن ٣/ ١١٥، وفتح القدير ١/ ٤٣٠.
(٥) زاد المعاد ٥/ ٥٢٧.

<<  <   >  >>