للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

[ومن مسائل هذا الاستدراك]

أولًا: يظهر جلِيًّا من هذا الاستدراك بدايات النَّقدِ الموَسَّع للأقوال في التفسير في عصر السلف، وفي تحرير ابن قتيبة (ت: ٢٧٦) لهذا الاستدراك يبرز بوضوح منهج المُفَسِّر الناقد، فبالإضافة إلى نقل الأقوال والإحاطة بها، نَجد تحريرها لُغةً، والاستشهاد عليها بكلام العرب، واعتبار نظائر معانيها في القرآن الكريم، واستقامتها فيها وعدم تناقضها، وكذا نقل أقوال السلف، وتقديمها، وعدم مخالفتها، ثم بيان مدى مناسبة المعاني للسياق، واشتهارها على الألسن.

وهذا التحرير من ابن قتيبة (ت: ٢٧٦) في هذه الآية، يُشبِه أن يكون أُنموذجًا لمنهج السلف في التفسير، وبمراعاة هذه الجوانب وتحقيقها يسهل الوصول إلى معاني الآيات ومقاصدها، كما يسهل تمييز الأقوال فيها وحصرها، ومعرفة صحيحها ومقبولها ومردودها، ومن ثَمَّ تجتمع الأقوال، ويقلُّ الخلاف، ويصح الاستنباط والاستشهاد.

ثانيًا: في قول ابن قتيبة (ت: ٢٧٦): (ولستُ أدري ما اضطره إلى هذا التأويل المُستَكرَه؟! وقد سبق التفسير من السلف بما لا استكراه فيه)، إشارة إلى لزوم اعتبار أقوال السلف أولًا، والوقوف عندها، وعدم تجاوزها بما يخرج عنها ويناقضها، وأن عدم مراعاة ذلك يوقع في الخطأ في التفسير. وقد تميز ابن قتيبة (ت: ٢٧٦) بين أهل اللغة بالاستفادة من أقوال السلف حتى في بيان الغريب (١)، كما أن إغفال هذا الجانب من أظهر ما أُخِذَ على أبي عبيدة (ت: ٢١٠) في كتابه "مجاز القرآن". (٢)

* * *


(١) ينظر: تفسير غريب القرآن (ص: ١٠)، والتفسير اللغوي (ص: ٣٦٩).
(٢) ينظر: جامع البيان ١/ ٢٨٢، ومعاني القرآن، للنحاس ١/ ٤٠٣، وطبقات النحويين واللغويين (ص: ١٦٧)، والمُعرَّب، للجواليقي (ص: ٨٣)، ومعجم الأدباء ٦/ ٢٧٠٧، والتفسير اللغوي (ص: ٣٤٨، ٥٦٠).

<<  <   >  >>