للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

وأولادهم إلى أخص الناس بهم، مع أمانِ السُّم والإدغال ومزاج الشراب بما يُؤذي شاربه، وكل هذا على وجه التكرمة والإعظام) (١).

ثُمَّ بَيَّن ابنُ مسعود أن المُراد بالختام في الآية: الخِلط. ودَلَّلَ على ذلك بدليل قريب واضح، يعلمه السامع ويعيشه، فقال: (أما سَمِعتُم المرأةَ من نسائِكُم تقول: طِيبُ كَذا وكَذا خِلطُه مسك؟)، فاستعمال الناس في زمنه لهذه اللفظة في هذا المعنى، دليلٌ على صِحَّته في الآية، فهو استدلالٌ باللغة (٢). كما أن مجيء شراب أهل الجنة كذلك من تمام النعيم، وقد دَلَّ القرآن على أن شرابهم مُطَيَّب، قال تعالى ﴿إِنَّ الأَبْرَارَ يَشْرَبُونَ مِنْ كَأْسٍ كَانَ مِزَاجُهَا كَافُورًا (٥) عَيْنًا يَشْرَبُ بِهَا عِبَادُ اللَّهِ يُفَجِّرُونَهَا تَفْجِيرًا﴾ [الإنسان ٥ - ٦]، فمِنْ شرابهم ما يُمزَج بالكافور، ومنه ما يُمزَجُ بالمسك، وكُلُّهُ غايةٌ في النعيم.

* الحكم على الاستدراك:

أصلُ الخَتْمِ في اللغة: بلوغ آخرِ الشيء، وخِتامُ كُلِّ شيء آخِرَه (٣). ومَجيئُهُ بمعنى الطَّبع في كلام العرب، تابِعٌ للمعنى الأول؛ لأن الطبعَ على الشيء لا يكون إلا بَعدَ بلوغِ آخره (٤).

وفي معناه في الآية ثلاثةُ أقوال:

الأول: أن خَتْمَه الذي يُختَمُ به الإناءُ ويُحفَظُ به مسك. وهو قول مجاهد (ت: ١٠٤)، وابن زيد (ت: ١٨٢) (٥).


(١) الانتصار للقرآن ٢/ ٣٢٥.
(٢) ويُلاحظ استشهاد ابن مسعود بكلام الناس في وقته لتقرير المعنى وإيضاحه.
(٣) ينظر: العين ١/ ٣٨٧، وجمهرة اللغة ١/ ٣٨٩، وتهذيب اللغة ٧/ ١٣٧، والصحاح ٥/ ١٩٠٨، ومقاييس اللغة ١/ ٣٩٢، وجامع البيان ٣٠/ ١٣٣.
(٤) مقاييس اللغة ١/ ٣٩٢.
(٥) ينظر: جامع البيان ٣٠/ ١٣٣، وتفسير القرآن العزيز ٥/ ١٠٨، والجامع لأحكام القرآن ١٩/ ١٧٤.

<<  <   >  >>