للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

ويُقابلها أمورٌ ثلاثةٌ هي وجوه الترجيح، وبعضها شروطٌ في المفسر، وهي:

أولًا: عُلُوّ السِنّ، وليس مُراده أن صغير السِنِّ لا يُصيب، وإنما نبَّه بعبارته هذه على أن لعُلُوِّ السِنِّ فضيلةٌ تعين صاحبها على إصابة الحق، ففيه لقاء الأكابر، وعلى الأخص هنا الصحابة، وطول مدارسة العلم ومشافهة العلماء، مِمَّا يُكسِبُ صاحبه ملكةً تُعينه على الصواب وتُقَرِّبُه منه، وكذا طولُ أَمَد التحقيق والنظر، وتَفَحُّصِ الأقوال وتتبعها؛ ليطمَئِنَّ إلى ما يوصِلُه إليه اجتهاده.

ثانيًا: فصاحةُ اللسان، وهي في التفسير مَزِيَةٌ لَهَا شَأن، تُعين صاحبها على صِحَّة الفهم، وحُسن الاختيار من المعاني.

ثالثًا: معرفةُ كلام العرب؛ ألفاظها، وأساليبها، وهذا شرطٌ لازمٌ للمُفَسِّر، فإن القرآن مُنَزَّلٌ بلسان عربيٍّ مُبين، فلا تُعرَفُ معانيه إلا بمعرفة اللسان الذي نزل به، وهو لسان العرب.

* * *

[٦٣] ﴿وَظَلَّلْنَا عَلَيْكُمُ الْغَمَامَ وَأَنزَلْنَا عَلَيْكُمُ الْمَنَّ وَالسَّلْوَى كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ وَمَا ظَلَمُونَا وَلَكِن كَانُوا أَنفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ﴾ [البقرة ٥٧].

قال مجاهد: ليس بالسحاب، هو الغمام الذي يأتي الله فيه يوم القيامة، ولم يكن إلا لهم. (١)


(١) أخرجه ابن جرير في تفسيره ١/ ٤١٨ (٨١٠)، وابن أبي حاتم في تفسيره ١/ ١١٣ (٥٤٩)، وعزاه السيوطي في الدر ١/ ١٥٦ لوكيع، وعبد بن حميد، من طريق أبي حذيفة النهدي، عن شبل بن عَبَّاد، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد.
وإسناده صحيح. وقال ابن كثير: (وهذا سند جيد عن مجاهد). تفسير القرآن العظيم ١/ ٢٨٦. وله متابعات أخرجها الثوري، كما في تفسير ابن كثير ١/ ٢٦٩، وابن جرير في تفسيره ٢/ ٤٤٧ (٣٢٠٦)، وابن أبي حاتم في تفسيره ٢/ ٣٧٢ (١٩٦١).

<<  <   >  >>