للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

ولزيادة إيضاح السياق يُضاف أن الله تعالى قال قبل ذكر صفات المؤمنين ﴿أَيَحْسَبُونَ أَنَّمَا نُمِدُّهُمْ بِهِ مِنْ مَّالٍ وَبَنِينَ (٥٥) نُسَارِعُ لَهُمْ فِي الْخَيْرَاتِ بَلْ لاَّ يَشْعُرُونَ﴾ [المؤمنون ٥٤ - ٥٥]، ثم قال بعد ذِكر صفات أهل الإيمان ﴿أُوْلَئِكَ يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَهُمْ لَهَا سَابِقُونَ﴾ [المؤمنون ٦١]، فبعد أن نَفى المسارعة في الخيرات للكافرين، أثبتها للمؤمنين الطائعين، وكذلك قوله تعالى بعد ذلك ﴿وَلا نُكَلِّفُ نَفْسًا إِلاَّ وُسْعَهَا﴾ [المؤمنون ٦٢]، وكثيرًا ما يُذكَرُ نَفيُ التكليف بما فوق الوُسعِ بعد الحديث عن فعل الطاعات. (١)

* الحكم على الاستدراك:

ما ذهبت إليه عائشة من معنى الآية قبل البيان النبوي صحيح في نفسه، ولكن لا يُساعد عليه هنا تَمامُ الآية وسياقُها، فإن في تمام الآية بيانُ سببِ وجلِ قلوبِ المُؤمنين، وهو ﴿أَنَّهُمْ إِلَى رَبِّهِمْ رَاجِعُونَ﴾ [المؤمنون ٦٠]، فَلَمَّا علموا أنهم إلى ربهم راجعون للمُجازاة والمُساءَلة ونشر الصحف وتتبع الأعمال؛ خافوا ألاّ يكونوا أَتَوا بالعمل على وجهه المأمور (٢)، وسبق ذكر سياق الآية ودلالته على المعنى النبوي.

وحيث جاء بيان رسول الله فبِهِ البيان، قال ابن عطية (ت: ٥٤٦) بعد ذكره للحديث الوارد في تفسير هذه الآية: (ولا نَظَرَ مع الحديث) (٣)، وإليه ذهب كثير من المفسرين، كابن عباس ، والقُرظي (٤) (ت: ١٠٨)، والحسن (٥) (ت: ١١٠)، وقتادة


(١) كما في سورة البقرة (٢٣٣)، وسورة النساء (٨٤)، وغيرها.
(٢) ينظر: بحر العلوم ٢/ ٤١٦، والتفسير الكبير ٢٣/ ٩٤، ومجموع الفتاوى ٧/ ٤٩٦.
(٣) المحرر الوجيز ٤/ ١٤٨، وهذا من كمال علمه ؛ فإنه ذكر قبل ذلك قولًا بأن المُراد جميع الأعمال طاعتها ومعصيتها، وقال: (وهذا أمدح)، ثم ذكر حديث عائشة وقال: (ولا نَظَرَ مع الحديث).
(٤) محمد بن كعب بن سليم بن عمرو القُرَظي، أبو حمزة المدني، تابعي ثقة من أئمة التفسير، توفي سنة (١٠٨) وقيل غير ذلك. ينظر: طبقات ابن سعد ٥/ ٢١٧، والبداية والنهاية ٩/ ٢١٦.
(٥) الحسن بن أبي الحسن يسار، أبو سعيد البصري، مولى زيد بن ثابت، من أئمة التابعين وعلمائهم، عَلَمٌ في التفسير، وصنَّفَ فيه، توفي سنة (١١٠). ينظر: طبقات ابن سعد ٧/ ٧٩، وطبقات المفسرين، للداوودي (ص: ١٠٦).

<<  <   >  >>