للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

والاستثناء في الآية منقطع، ومعناه: ما أسألكم عليه من أجر لكني أسألكم المودة في القربى. وهذا نظير قوله تعالى ﴿قُلْ مَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ إِلاَّ مَنْ شَاءَ أَنْ يَتَّخِذَ إِلَى رَبِّهِ سَبِيلًا﴾ [الفرقان ٥٧] (١). أمَّا طلبه من قريش أن تحفظ قرابته، ولا تؤذيه، وتمنعه من أذى الناس، كما يمنعون كل من بينهم وبينه مثل قرابته، فليس بأجر على التبليغ؛ لأن كل أحد يوَدُّهُ أهلُ قرابته وينتصرون له من أذى الناس، وقد فعل له ذلك أبو طالب ولم يكن أجرًا على التبليغ لأنه لم يؤمن، وإذا كان لا يسألُ أجرًا إلا هذا الذي ليس بأجر، تحقَّقَ أنه لا يسألُ أجرًا، كقول الشاعر (٢):

ولا عيبَ فيهم غيرَ أنَّ سُيوفَهُم … بِهِنَّ فلولٌ من قراعِ الكتائبِ (٣)

واختار هذا القول من المفسرين ابن قتيبة (ت: ٢٧٦)، وابن جرير (ت: ٣١٠)، والزجاج (ت: ٣١١)، والثعلبي (ت: ٤٢٧)، والسمعاني (ت: ٤٨٩)، وابن الجوزي (ت: ٥٩٧)، ونسبه للمُحَقِّقين، وابن تيمية (ت: ٧٢٨)، وابن القيم (ت: ٧٥١)، وابن كثير (ت: ٧٧٤)، وابن حجر (ت: ٨٥٢)، والشنقيطي (ت: ١٣٩٣). (٤)

[ومن مسائل هذا الاستدراك]

في قول ابن عباس لسعيد بن جبير: (عَجِلْت)، بيانٌ لسببٍ من أهم أسباب الخطأ في التفسير، وهو التعجُّل في حمل الآية على إحدى المعاني المحتملة،


(١) ينظر: جامع البيان ٢٥/ ٣٥، ومعاني القرآن وإعرابه ٤/ ٣٩٨، ونكت القرآن ٤/ ٩٨، والوسيط ٤/ ٥٣، ومنهاج السنة النبوية ٧/ ١٠٢.
(٢) هو: النابغة الذبياني، والبيت في ديوانه (ص: ١١).
(٣) ينظر: التفسير الكبير ٢٧/ ١٤٢، وأضواء البيان ٧/ ١٢٢.
(٤) ينظر: تأويل مشكل القرآن (ص: ٢٥٠)، وجامع البيان ٢٥/ ٣٥، ومعاني القرآن وإعرابه ٤/ ٣٩٨، والكشف والبيان ٨/ ٣١٠، وتفسير السمعاني ٥/ ٧٣، وزاد المسير (ص: ١٢٦٨)، ومنهاج السنة النبوية ٤/ ٢٦، و ٧/ ٩٥، وبدائع الفوائد ٣/ ١٠٥٦، وتفسير القرآن العظيم ٧/ ٣١٢٣، والفتح ٨/ ٤٢٧، وأضواء البيان ٧/ ١٢٣.

<<  <   >  >>