للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

(ت: ١٢٨) في رواية، وابن زيد (ت: ١٨٢) (١). وعلى هذا القول فالآية خاصةٌ بقريش، وهو الصحيح في معنى الآية؛ لدلالة سبب النُّزول، وسياق الآية، وزمن نزولها، فهي مكية باتفاق (٢)، وحملُ القرابات في الآية على العموم أولى من التخصيص بلا دليل.

وأدلة القول الأول لا حُجَّة فيها، وبيان ذلك من وجوه:

أولًا: الحديث المرفوع كذب باتفاق أهل المعرفة بالحديث. (٣)

ثانيًا: سبب النُّزول لا يصح، ويرُدُّه كون الآية مكية. (٤)

ثالثًا: كما يضعف هذا القول من جهة نظم الآية؛ إذ قال فيها ﴿إِلاَّ الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى﴾ [الشورى ٢٣]، ولو أراد آل رسول الله وقرابته لقال: إلا المودة للقربى، أو لذوي القربى، كما في قوله تعالى ﴿* وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُم مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى﴾ [الأنفال ٤١]، وقوله ﴿مَا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ مِنْ أَهْلِ الْقُرَى فَلِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى﴾ [الحشر ٧]، وقد بَيَّن ابن تيمية (ت: ٧٢٨) عادة القرآن في ذلك فقال: (جميع ما في القرآن من التوصية بحقوق ذوي قربى النبي ، وذوي قربى الإنسان، إنما قيل فيها: ذوي القربى (٥)، ولم يقل: في القربى. فلما ذكر هنا المصدر دون الاسم دلَّ على أنه لم يُرِد ذوي القربى) (٦).

رابعًا: ليس من طريقة أنبياء الله أن يأخذوا على تبليغ رسالةِ الله أجرًا البتة، بل أجرهم على الله تعالى، وأدلة ذلك كثيرة، منها قوله تعالى لنبيِّهِ محمد : ﴿قُلْ مَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ﴾ [ص ٨٦]، وقوله ﴿قُلْ مَا سَأَلْتُكُم مِّنْ أَجْرٍ فَهُوَ لَكُمْ إِنْ أَجْرِيَ إِلاَّ عَلَى اللَّهِ﴾ [سبأ ٤٧].


(١) جامع البيان ٢٥/ ٣٠، والكشف والبيان ٨/ ٣١٠، والوسيط ٤/ ٥١، والجامع لأحكام القرآن ١٦/ ١٥.
(٢) ينظر: منهاج السنة النبوية ٧/ ٩٩.
(٣) ينظر: منهاج السنة النبوية ٤/ ٥٦٣، و ٧/ ٩٥.
(٤) ينظر: فتح الباري ٨/ ٤٢٧.
(٥) أو ﴿أُوْلُوا الْقُرْبَى﴾ كما في سورتي [النساء: ٨، والنور: ٢٢]، وهي بِمعناها.
(٦) منهاج السنة النبوية ١٠١، وينظر: جامع البيان ٢٥/ ٣٥.

<<  <   >  >>