للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

لذلك بلفظ "الرؤيا" الوارد في الآية؛ إذ أكثر استعماله في المنام، وكذا حديث شَريك بن عبد الله (١)، عن أنسٍ قال: (ليلةَ أسرِيَ برسول من مسجد الكعبة، جاءه ثلاثة نفر، قبل أن يوحى إليه، وهو نائم في المسجد الحرام)، وقال في آخره: (واستيقظ وهو في مسجد الحرام) (٢)، وأُجيب عن حديث شريك هذا بأنه مما أخطَأَ فيه، وخالف فيه الثقاتَ الحفاظَ من أصحابِ أنسٍ (٣)، أو يُفَسَّر ما جاء في روايته بما في الروايات الأخرى في الصحيح (٤): (مُضطَجِعًا)، و (بين النائم واليقظان)، فهو في هيئة النائم، أو في أوائله؛ وأُطلِق عليه تغليبًا، وأصرح منهما رواية أبي سعيد مرفوعًا: (بينا أنا نائم عشاءً في المسجد الحرام، إذ أتاني آتٍ فأيقظني، فاستيقظت فلم أرَ شيئًا، ثم عدت في النوم، فأيقظني كذلك أربع مرات، قال: فإذا أنا بكهيئة خيال، فاتبعته حتى خرجت من المسجد، فإذا أنا بدابة يُقال لها البراق، فركبته .. ) (٥). ويُحمَلُ الاستيقاظ في آخر الحديث على: الإفاقة ممَّا كان فيه من شُغلِ بال، والانتقال من حال إلى حال (٦)، كما في قوله في حديث دعوته أهلَ الطائف: (فانطلقت وأنا مهمومٌ، على


(١) شريك بن عبد الله بن أبي نَمِر، أبو عبد الله المدني، صدوق يُخطئ، مات سنة (١٤٠). ينظر: الكاشف ٢/ ١١، والتقريب (ص: ٤٣٦).
(٢) أخرجه البخاري في صحيحه ١٣/ ٤٨٦ (٧٥١٧)، ومسلم في صحيحه ١/ ٣٦٣ (١٦٢).
(٣) كالزهري، وثابت البناني، وقتادة. ينظر: شرح النووي على مسلم ١/ ٣٥٧، ونور المسرى (ص: ١١٣)، وزاد المعاد ١/ ٩٧، والبداية والنهاية ٣/ ٩١، وفتح الباري ٧/ ٢٣٧، و ١٣/ ٤٩٣.
(٤) ينظر: فتح الباري ٧/ ٢٤٤.
(٥) أخرجه البيهقي في دلائل النبوة ٢/ ٣٩٠.
(٦) البداية والنهاية ٣/ ٩٢، وفتح الباري ٧/ ٢٤٤. وقال ابن كثير (ت: ٧٧٤) عن هذا التوجيه: (وهذا الحَملُ أحسن من التغليط- أي: للراوي-). البداية والنهاية ٣/ ٩٢.

<<  <   >  >>