للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

وَجهي، فلم أستَفِق إلا بقرن الثعالب (١) (٢).

ومن فَسَّرَ "الرؤيا" في الآية بأنها رؤيا عين يَقَظةً، اعتمدوا ظاهر القرآن الكريم، نحو قوله تعالى ﴿سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ﴾ [الإسراء ١]، فهو ظاهر في إرادة روحه وبدنه، إذ لم يقل بروح عبده. ونحو قوله تعالى في وصف ما رآه رسوله في تلك الليلة ﴿مَا زَاغَ الْبَصَرُ وَمَا طَغَى (١٧) لَقَدْ رَأَى مِنْ آيَاتِ رَبِّهِ الْكُبْرَى﴾ [النجم ١٧ - ١٨]. واستدلوا كذلك بالأحاديث الصريحة الواردة في ذلك، وسبق ذكر بعضها، وفيها أنه أُسريَ به على دابة يُقال لها البُراق، والدواب لا تحمل الأرواح، وإنما تحمل الأجسام. (٣)

وضَعَّفوا قولَ من ذهب إلى أن "الرؤيا" في الآية رؤيا منام من جهة موضوع السورة العام؛ فهي سورة مكية (٤)، تحدثت عن آية الإسراء بالنبي إلى بيت المقدس، وَسُمِّيَت بذلك، وقد وصف الله تعالى الرؤيا في الآية بأنها ﴿فِتْنَةً لِلنَّاسِ﴾ [الإسراء ٦٠]، ولو كان الإسراء منامًا ما كان لأحد فتنة؛ فإن النائم ربما رأى ما هو أغرب وأعجب، ولَمَا اعترضت عليه قريش، ولا استنكرت ما رآه فيه رسول الله ، ولَمَا كان سببًا في فتنة بعض من أسلم، كما قال قتادة (ت: ١١٧): (ذُكِرَ لنا أنَّ ناسًا ارتدوا بعد إسلامهم حين حدَّثَهم رسول الله بمسيره، أنكروا ذلك، وكَذَّبوا له، وعجبوا منه، وقالوا: تُحَدثنا أنك سرت مسيرة شهرين في ليلة واحدة!!) (٥).


(١) هو قَرْن المنازل، ميقات أهل نجد، يعرف اليوم بالسيل الكبير، بين مكة والطائف، ويبعد عن مكة (٨٠ كيلًا). ينظر: معجم البلدان ٤/ ٣٨، ومعجم المعالم الجغرافية في السيرة النبوية (ص: ٢٥٤).
(٢) أخرجه البخاري في صحيحه ٦/ ٣٦٠ (٣٢٣١)، ومسلم في صحيحه ٤/ ٤٨٥ (١٧٩٥).
(٣) ينظر: الرسالة الوافية (ص: ٣٣).
(٤) ينظر: فضائل القرآن، لابن الضُّريس (ص: ٣٤)، والتنْزيل وترتيبه (ص: ٢٨).
(٥) جامع البيان ١٥/ ١٣٩. ورُوي نحوه عن الضحاك (ت: ١٠٥)، والحسن (ت: ١١٠)، وابن زيد (ت: ١٨٢). ينظر: تفسير ابن سلاَّم ١/ ١٤٦، وسيرة ابن هشام ١/ ٣٩٩، وجامع البيان ١٥/ ١٣٨، وتفسير ابن كثير ٥/ ٢١٠٦.

<<  <   >  >>