للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

روى ابن سيرين (ت: ١١٠) قال: (نُبِّئتُ أن كعبًا (١) قال: إن قوله تعالى ﴿يَاأُخْتَ هَارُونَ﴾ [مريم ٢٨] ليس بهارون أخي موسى. قال: فقالت له عائشة: كذبتَ (٢). قال: يا أم المؤمنين، إن كان النبي قاله فهو أعلم وأخبر، وإلا فإني أجِدُ بينهما ستّ مئةِ سنة (٣)، قال: فسكتَت) (٤).

وفي بيان رسول الله الكفاية والهداية، وبه يجتمع سياق النصِّ، وسياق الواقع، وقد انحصرَ به المعنى في أحد وجهين:

الأوّل: أن لِمَريم أخًا اسمُهُ هارون، على اسم نبي الله هارون بن عمران ، جريًا على عادتهم في التسَمِّي بأسماء أنبيائهم وصالحيهم، وهو قول الضحَّاك (ت: ١٠٥)، والكلبي (ت: ١٤٦)، والفراء (ت: ٢٠٧)، والرازي (ت: ٦٠٤)، والقرطبي (ت: ٦٥٦)، وأبو حيَّان (ت: ٧٤٥) (٥)، وابن كثير (ت: ٧٧٤) وقال: (وقد ورد الحديث الصحيح الدالُّ على أنه قد كان لها أخٌ اسمه هارون، وليس في ذكر قصَّة ولادتها،


(١) كعب بن ماتع الحِمْيَري، أبو إسحاق، المعروف بكعب الأحبار، أدرك الجاهلية وكان يهوديًّا فأسلم في أيّام أبي بكر أو في أيام عمر ، قال أبو الدرداء : (إنَّ عند ابن الحِميَري لَعِلمًا كثيرًا)، سكن حِمصًا، وبها توفي سنة (٣٢). ينظر: السير ٣/ ٤٨٩، وتهذيب التهذيب ٣/ ٤٧١.
(٢) أي: أخطأت؛ لأنه يشبهه في كونه ضد الصواب، كما أن الكذب ضد الصدق، وإن افترقا من حيث النيّة والقصد؛ لأن الكاذب يعلم أن ما يقوله كذب، والمُخطئ لا يعلم، وقد استعملت العرب الكذب في موضع الخطأ، قال الأخطل:
كذبتك عينُك؟ أم رأيت بواسِطٍ غَلَسَ الظلام من الرَّبابِ خيالًا؟
ينظر: النهاية في غريب الحديث ٤/ ١٣٨، وفتح الباري ٨/ ٦٤١، والروض الباسم ١/ ١٦٦، ولأبي بكر ابن الأنباري رسالة في معاني الكذب، لَخَّصها البغدادي في خزانة الأدب ٦/ ١٩٤.
(٣) قال ابن كثير (ت: ٧٧٤) في تفسيره ٥/ ٢٢٢٠: (وفي هذا التاريخ نظر).
(٤) جامع البيان ١٦/ ٩٧ (١٧٨٤٩)، والدر ٥/ ٤٤٧. وينظر: الكافي الشافِ ٣/ ١٤.
(٥) ينظر: معاني القرآن، للفراء ٢/ ١٦٧، والكشف والبيان ٦/ ٢١٣، والوسيط ٣/ ١٨٢، وزاد المسير (ص: ٨٨٤)، والتفسير الكبير ٢١/ ١٧٧، والمُفهِم ٥/ ٤٦٠، والبحر المحيط ٦/ ١٧٦.

<<  <   >  >>