للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

وتحرير أُمِّها لها، ما يدل على أنها ليس لها أخٌ سواها) (١)، ثم ذكر حديث المغيرة السابق، وقال: (والمقصود أنهم قالوا ﴿يَاأُخْتَ هَارُونَ﴾ [مريم ٢٨]، ودلَّ الحديث على أنها قد كان لها أخٌ نَسَبيّ، اسمه هارون، وكان مشهورًا بالدين والصلاح والخير) (٢)، واختاره السعدي (٣) (ت: ١٣٧٦) وقال: (الظاهر أنه أخٌ لها حقيقي، فنسبوها إليه) (٤)، وابنُ عاشور (ت: ١٣٩٣) وقال: (وهذا أظهر الوجهين) (٥).

الثاني: أنهم نَسَبوا مريمَ إلى رجلٍ صالحٍ في بني إسرائيل اسمُه هارون، على اسم نبي الله هارون ؛ لأنها تشبهه في العبادة والتقوى، فهو من باب أُخُوَّة الدين، أو إطلاق اسم الأخ على النظير المُشابه، ومنه قوله تعالى ﴿وَمَا نُرِيهِمْ مِّنْ آيَةٍ إِلاَّ هِيَ أَكْبَرُ مِنْ أُخْتِهَا﴾ [الزخرف ٤٨]، وقوله ﴿إِنَّ الْمُبَذِّرِينَ كَانُوا إِخْوَانَ الشَّيَاطِينِ﴾ [الإسراء ٢٧]، ومنه في كلام العرب (٦):

وكُلُّ أخٍ مُفارقه أخوه … لَعَمرُ أبيك إلا الفَرقدانِ

فجعل الفرقدين أخوين، وكثيرًا ما تُطلق العرب اسم الأخ على الصديق والصاحب. (٧)

وهو قول كعب (ت: ٣٢)، وقتادة (ت: ١١٧)، وابن زيد (ت: ١٨٢)، وابن قتيبة


(١) البداية والنهاية ٢/ ٥٣، وينظر: تفسيره ٥/ ٢٢١٩.
(٢) البداية والنهاية ٢/ ٥٣.
(٣) عبد الرحمن بن ناصر بن عبد الله السعدي التميمي، أبو عبد الله الحنبلي، المُفَسِّر الفقيه، صَنَّف تيسير الكريم الرحمن، في التفسير، والقواعد الحسان، توفي سنة (١٣٧٦). ينظر: الأعلام ٣/ ٣٤٠، والموسوعة الميسرة ٢/ ١٢٠٧.
(٤) تيسير الكريم الرحمن ١/ ١٠٤٥.
(٥) التحرير والتنوير ١٦/ ٩٥.
(٦) البيت لعمرو بن معدي كرب الزبيدي. ينظر: مجاز القرآن ١/ ١٣١، وجامع البيان ٥/ ٢٢٢.
(٧) ينظر: المسائل والأجوبة (ص: ٢٠٥)، والكشف والبيان ٦/ ٢١٣، وأضواء البيان ٤/ ٢٠٧.

<<  <   >  >>