للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

(ت: ٢٧٦)، والنحاس (ت: ٣٣٨)، واختاره ابن جرير (ت: ٣١٠) وقال: (والصواب من القول في ذلك ما جاء به الخبر عن رسول الله الذي ذكرناه- أي: حديث المغيرة-، وأنها نُسِبَت إلى رجلٍ من قومها)، وابن تيمية (ت: ٧٢٨). (١)

والمعنى الأوَّل أرجح؛ فإن الأصل في الكلام الحقيقة، ولا يُصار إلى خلاف الظاهر إلا عند التَّعَذُّر (٢)، وهو ظاهر الآية والحديث، كما أنه الأوفق للسياق؛ فإنهم قالوا بعد أن نسبوا مريم إلى أخيها هارون ﴿مَا كَانَ أَبُوكِ امْرَأَ سَوْءٍ وَمَا كَانَتْ أُمُّكِ بَغِيًّا﴾ [مريم ٢٨]، (أي: لستِ من بيتٍ هذا شيمتهم، ولا سجيَّتُهم، لا أخوك، ولا أمّك، ولا أبوك) (٣)، وقال الرازي (ت: ٦٠٤) عند ترجيحه لهذا القول: (الثاني: أنها أُضيفت إليه، وَوُصِفَ أبواها بالصلاح، وحينئذٍ يصير التوبيخ أشدّ؛ لأن من كان حال أبويه وأخيه هذه الحالة، يكون صدور الذنب عنه أفحش). (٤)


(١) ينظر: تفسير ابن سلاَّم ١/ ٢٢٢، وتفسير عبد الرزاق ٢/ ٣٥٨، وتفسير غريب القرآن (ص: ٢٣٣)، والمسائل والأجوبة (ص: ٢٠٥)، وجامع البيان ١٦/ ٩٧، ومعاني القرآن، للنحاس ٤/ ٣٢٧، وإعراب القرآن، له أيضًا ٣/ ١٠، والجُمان في تشبيهات القرآن (ص: ٢٤١)، والتفسير الكبير ٢١/ ١٧٧، ودرء تعارض العقل والنقل ٧/ ٦٩. وزاد الرازي نسبته للمغيرة بن شعبة ، ولم أجد له في ذلك إلا الرواية.
وهاهنا مسألة تظهر للناظر في كتب التفسير، وهي: نسبة القول لأحد المفسرين هل تعتمد على: نص قوله؟ أو على لازم قوله؟ أو على لازم قوله في آية أُخرى سابقة أو لاحقة؟ أو على اختياره في الوقف في الآية؟ أو على مجرد روايته؟.
وأكثر ما تبرز هذه المسألة عند عزو القول لأحد المفسرين، وقد وقفت في كتب التفسير على أمثلة لكل نوع، وهي مسألة جديرة بالتحرير والتأصيل؛ لتوقي نسبة قولٍ لغير صاحبه، ولاجتناب تكثير الأقوال وتشقيقها بما لا طائل تحته.
(٢) التفسير الكبير ٢١/ ١٧٧.
(٣) البداية والنهاية ٢/ ٥٣، ومثله في: معاني القرآن، للفراء ٢/ ١٦٧.
(٤) التفسير الكبير ٢١/ ١٧٧.

<<  <   >  >>