للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

اتَّصَفَ بشيء من معناها، ويدخل فيها دُخُولًا أَوَّلِيًّا: المنافقون. وهو رأي القرظي (ت: ١٠٨)، وبه فَسَّرها ابن عباس ، وأبو العالية (ت: ٩٣)، ومجاهد (ت: ١٠٤)، والحسن (ت: ١١٠)، وعطاء (ت: ١١٤)، وقتادة (ت: ١١٧)، والربيع بن أنس (ت: ١٣٩)، وابن زيد (ت: ١٨٢). (١)

والرأي الثاني هو الصواب من كُلِّ وجه؛ فالأخذ بعموم اللفظ دون خصوص السبب هو الصحيح عند عامَّة العلماء (٢)، وحكى بعضهم الإجماع فيه (٣)، وقد قَرَّرَ هذه القاعدةَ رسولُ الله ، ففي حديث ابن مسعود : أن رجلًا أصابَ من امرأةٍ قُبلَة، فأتى النبيَّ فأخبره، فأنزل الله ﴿إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ﴾ [هود ١١٤]، فقال الرجل: ألِي هذا؟ قال: (لجميع أُمَّتي كُلِّهم) (٤)، وقد احتَجَّ الصحابة وغيرهم من أئمة الإسلام في جميع الأعصار والأمصار وفي وقائع مُختلفة بعموم آيات نزلت في أسباب خاصَّة، وهذا شائع بينهم، ولم يُعرَف عنهم استدلالٌ فيها بغير عموم لفظها (٥)، قال ابن تيمية (ت: ٧٢٨): (قَصْرُ عمومات الكتاب والسنة على أسباب نزولها باطل؛ فإن عامَّة الآيات نزلت بأسباب اقتضت ذلك، وقد عُلِم أن شيئًا منها لَم يُقصَر على سببه) (٦)، وقال ابن القيم (ت: ٧٥١): (ما يذكره كثير من المفسرين في آيات عامَّة أنها


(١) ينظر: جامع البيان ٢/ ٤٢٦، وتفسير ابن أبي حاتم ٢/ ٣٦٤، والنكت والعيون ١/ ٢٦٦، وزاد المسير (ص: ١٢٠)، وتفسير ابن كثير ٢/ ٥٢٣.
(٢) ينظر: قواطع الأدلة (ص: ٣١٦)، والمسودة ١/ ٣٠٦، ومجموع الفتاوى ١٣/ ٣٣٨، و ١٥/ ٣٦٤، والصواعق المرسلة ٢/ ٦٩٣، وإعلام الموقعين ٢/ ٣٨٧، وتفسير ابن كثير ٤/ ١٥٧٠، وسلاسل الذهب (ص: ٢٧٠)، وشرح الكوكب المنير ٣/ ١٧٧.
(٣) ينظر: البحر المحيط في الأصول ٢/ ٣٥٢، ٣٥٧، وإرشاد الفحول (ص: ٢٣٠).
(٤) أخرجه البخاري في صحيحه ٢/ ١٢ (٥٢٦)، ومسلم في صحيحه ١٧/ ٢٣٣ (٣٩، ٤٢). وينظر تعليق الشنقيطي على هذا الحديث في أضواء البيان ٣/ ١٨٩.
(٥) ينظر: الإتقان ١/ ٦١، وشرح الكوكب المنير ٣/ ١٧٩.
(٦) مجموع الفتاوى ١٥/ ٣٦٤.

<<  <   >  >>