للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

وذهب أبو جعفر (ت: ١١٤) إلى أن المُراد بالآية العموم، وهم: الذين آمنوا. ومعتمده في ذلك ظاهرُ لفظ الآية، فإن ﴿الَّذِينَ﴾ [المائدة ٥٥] في الآيةِ من صِيَغ الجمع وألفاظِ العمومِ لُغةً (١)، كما يدل عليه سببُ نُزول هذه الآيات وما قبلها، فهي نازلةٌ في عُبادة بن الصامت حين تَبَرَّأ من حلفِ اليهود، ورضي بولاية الله ورسوله والمؤمنين (٢). ويدل على عمومها سياق الآيات قبلها وبعدها، قال ابن تيمية (ت: ٧٢٨): (إنه من المعلوم المُستَفيض عند أهل التفسير خَلَفًا عن سلف أن هذه الآية نزلت في النهي عن مُوَالاة الكُفار، والأمر بموالاة المؤمنين) (٣)، ثُمَّ قال: (إن سياق الكلام يدل على ذلك لمن تدبر القرآن، فإنه قال تعالى ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِّنكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ﴾ [المائدة ٥١]، فهذا نهيٌ عن موالاة اليهود والنصارى، ثُم قال ﴿فَتَرَى الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ يُسَارِعُونَ فِيهِمْ يَقُولُونَ نَخْشَى أَنْ تُصِيبَنَا


(١) ينظر: إعراب القرآن، للنحاس ١/ ٢٧٣، ومنهاج السنة النبوية ٧/ ١٦، وروح المعاني ٦/ ٤٦٠.
(٢) فيما أخرجه ابن إسحاق في المغازي، كما في سيرة ابن هشام ٢/ ٤٩، والكافي الشافِ ١/ ٦٣٠، وابن أبي شيبة في المصنف ٦/ ٣٩١ (٣٢٣٠١)، وابن جرير في تفسيره ٦/ ٣٧٢ (٩٤٧٩ - ٩٤٨١)، وابن أبي حاتم في تفسيره ٤/ ١١٥٥ (٦٥٠٦)، والثعلبي في تفسيره ٤/ ٧٥، وعزاه السيوطي في الدر ٣/ ٩٢ لابن المنذر، وأبي الشيخ، وابن مردويه، والبيهقي في الدلائل، وابن عساكر. وفي أسانيدها ضعفٌ، وبعضها مرسل، وضَعَّفَها في الجملة ابنُ جرير في تفسيره ٦/ ٣٧٤.
واختار ابن جرير والثعلبي و ابن كثير أن هذه الآيات نزلت في عُبادة بن الصامت ، وهو المنقول عن أهل السير كالزهري، وابن إسحاق، وذكر ابن تيمية أن هذا هو المعلوم المستفيض عند أهل التفسير خلفًا عن سلف. ينظر: الكشف والبيان ٤/ ٨٠، ومنهاج السنة النبوية ٧/ ١٨، وتفسير ابن كثير ٣/ ١١٩٠، ١١٩٥.
(٣) منهاج السنة النبوية ٧/ ١٨.

<<  <   >  >>