للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

العمليات .. ، فإنهم فهموا عموم الأشخاص من "مَنْ"، وعموم الأفعال من "سُوء" المذكور في سياق الشرط) (١).

ويُلاحظ هنا أن حديث أبي بكر وباقي الصحابة كان عن كلمة ﴿سُوءًا﴾ وعمومها لكل سيئةٍ يعملها الإنسان، والتوضيح النبوي تناول كلمة ﴿يُجْزَ بِهِ﴾ وأن من الجزاء ما يكون في الدنيا قبل الآخرة، فلم يتعرض النبي للفهم العام لكلمة ﴿سُوءًا﴾ الذي فهمه الصحابة ، بل أقرهم عليه. ثم حيث جاء البيان النبوي فلا بيان بعده (٢)، وهو ما أزال المشقّةَ واللبس في عهد النبوّة، كما أنه كان كذلك في عهد الصحابة والتابعين، فعن الربيع بن زياد (٣) قال: قلت لأبيّ بن كعب: قول الله ﴿مَنْ يَعْمَلْ سُوءًا يُجْزَ بِهِ﴾ [النساء ١٢٣]، والله إن كان كل ما عملنا جُزينا به هلكنا. قال أُبيّ: (والله إن كنت لأراك أفقه ممّا أرى، لا يصيب رجلًا خدشٌ ولا عثرةٌ إلا بذنب، وما يعفو اللهُ عنه أكثر، حتى اللدغةَ والنفحةَ (٤) (٥). وسُئلت عائشة عن قريب من ذلك فقالت: (ذاك ما يصيبكم في الدنيا) (٦).

واختار هذا المعنى ابن جرير (ت: ٣١٠)، والنحاس (٧) (ت: ٣٣٨)، وأبو عمرو


(١) المفهم ٦/ ٥٤٦، وينظر: أحكام القرآن، للطحاوي ١/ ٦٥.
(٢) ينظر: الكشف والبيان ٣/ ٣٩١.
(٣) الربيع بن زياد بن أنس الحارثي، أبو عبد الرحمن البصري، مُخضرم، ولِيَ لمعاوية خراسان، وكان الحسن البصري كاتبه، توفي سنة (٥٣). ينظر: البداية والنهاية ٨/ ٥٠، تهذيب التهذيب ١/ ٥٩٢.
(٤) النفحة: هي المَسُّ من العذاب، ويقال: نفحت الدابَّةُ برجلها إذا رمحت بِها. ينظر: تهذيب اللغة ٥/ ٧٢.
(٥) جامع البيان ٥/ ٣٩٤، والدر ٢/ ٦٤٨.
(٦) جامع البيان ٥/ ٣٩٥، ومستدرك الحاكم ٢/ ٣٣٧.
(٧) أحمد بن محمد بن إسماعيل المرادي المصري، أبو جعفر النحاس، من أئمة العربية، صنّفَ: إعراب القرآن، ومعاني القرآن، وغيرها، توفي سنة (٣٣٨). ينظر: معجم الأدباء ١/ ٤٦٨، والسير ١٥/ ٤٠١.

<<  <   >  >>