للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

خامسًا: أنه لو أُريد بالآية الوطء لم يكن حاجة إلى ذكر المشرك في الآية؛ فإنه زانٍ، وكذلك المُشركة إذا زنى بِها رجلٌ فهي زانية، فلا حاجة إلى التقسيم. والجواب أنه لا يلزم من الإشراك الزنا، وقد ذُكِرَ أن ذلك جاء في سياق التشنيع على هذا الفعل، وبيان أنه من دين أهل الشرك.

سادسًا: أنه لا حاجة لذكر تحريم الزنا في الآية؛ لأمرين:

أولهما: أنه قد قال قبل ذلك ﴿الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِّنْهُمَا مِائَةَ جَلْدَةٍ﴾ [النور ١]، فأي حاجة إلى أن يذكر تحريم الزنا بعد ذلك؟.

ثانيهما: أن تحريم الزنا كان بمكة، فهو سابقٌ لسورة النور المدنية (١).

سابعًا: أنه إذا دار الكلام بين التأكيد والتأسيس فالتأسيس أولى، وبيان عقد النكاح على البغي في الآية أولى من تأكيد ما سبق في الآيات في شأن الزنا.

ومن فَسَّرَ النكاح في هذه الآية بالوطء، اعترض على أصحاب القول الآخر بما يأتي (٢):

أولًا: أن تفسير النكاح في الآية بالعقد يلزم منه صحة عقد المسلم على المشركة، وهو باطلٌ إجماعًا، ولو تأتَّى ذلك في المحصنة الكتابية فأنَّى له أن يتَأَتَّى في نكاح المشركِ المسلمةَ، ولو كانت زانية، قال تعالى ﴿وَلَا تَنكِحُوا الْمُشْرِكَاتِ حَتَّى يُؤْمِنَّ﴾ [البقرة ٢٢١]، وقال أيضًا ﴿وَلَا تُنكِحُوا الْمُشِرِكِينَ حَتَّى يُؤْمِنُوا﴾ [البقرة ٢٢١]، وقال سبحانه ﴿لا هُنَّ حِلٌّ لَّهُمْ وَلا هُمْ يَحِلُّونَ لَهُنَّ﴾ [الممتحنة ١٠]، وقال ﴿وَلا تُمْسِكُوا بِعِصَمِ الْكَوَافِرِ﴾ [الممتحنة ١٠].


(١) ينظر: فضائل القرآن، لابن الضُّريس (ص: ٣٤)، والتنْزيل وترتيبه (ص: ٣٣).
(٢) ينظر في هذه الأوجه: جامع البيان ١٨/ ٩٩، وأحكام القرآن، للجصاص ٣/ ٣٤٦، والإيضاح لناسخ القرآن ومنسوخه (ص: ٣٦٠)، وأحكام القرآن، لابن العربي ٣/ ٢٥٥، والمحرر الوجيز ٤/ ١٦٣، وأضواء البيان ٦/ ٤٩، والتحرير والتنوير ١٨/ ١٥٣.

<<  <   >  >>