للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

الطغيان والضلال، ولا يلزم من الكشف عنهم أن يكون باشرهم، كقوله تعالى ﴿إِلاَّ قَوْمَ يُونُسَ لَمَّا آمَنُوا كَشَفْنَا عَنْهُمْ عَذَابَ الخِزْيِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَمَتَّعْنَاهُمْ إِلَى حِينٍ﴾ [يونس ٩٨]، ولم يكن العذاب باشرهم واتصل بهم، بل كان قد انعقد سببه عليهم، ولا يلزم أيضًا أن يكونوا قد أقلعوا عن كفرهم ثم عادوا إليه، قال الله تعالى إخبارًا عن شعيب أنه قال لقومه حين قالوا ﴿لَنُخْرِجَنَّكَ يَاشُعَيْبُ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَكَ مِنْ قَرْيَتِنَا أَوْ لَتَعُودُنَّ فِي مِلَّتِنَا قَالَ أَوَلَوْ كُنَّا كَارِهِينَ (٨٨) قَدِ افْتَرَيْنَا عَلَى اللَّهِ كَذِبًا إِنْ عُدْنَا فِي مِلَّتِكُمْ بَعْدَ إِذْ نَجَّانَا اللَّهُ مِنْهَا﴾ [الأعراف ٨٨ - ٨٩]، وشعيب لم يكن قط على ملتهم وطريقتهم وقال قتادة: إنكم عائدون إلى عذاب الله) (١).

سادسًا: انفراد ابن مسعود بهذا التفسير، قال ابن كثير (ت: ٧٧٤): (وهذا التفسير غريب جدًا، ولم يُنقَل مثله عن أحد من الصحابة غيره) (٢).

سابعًا: أن اعتراض ابن مسعود لا يتوجَّه على قول ابن عباس ومن معه من الصحابة، وإنما على قول القاصّ: (يجيء دخان يوم القيامة)، قال ابن كثير (ت: ٧٧٤): (وقول هذا القاصّ: إن هذا الدخان يكون يوم القيامة. ليس بجيد؛ ومن هنا تسلَّطَ عليه ابن مسعود بالرد، بل قبل يوم القيامة وجودُ هذا الدخان، كما يكون وجود هذه الآيات ثَمَّ: الدابة، والدجال، والدخان، ويأجوج ومأجوج، كما دلَّت عليه الأحاديث عن أبي سَريحة، وأبي هريرة، وغيرهما من الصحابة) (٣).

ومن ثَمَّ فالراجح في هذه الآية قول ابن عباس وغيره من الصحابة، في أن المُراد بالدُّخان ما يكون قبل يوم القيامة، ومن علاماتها.


(١) تفسير القرآن العظيم ٧/ ٣١٦٤، ومثله في النهاية في الفتن والملاحم (ص: ١١٤)، وينظر: التفسير الكبير ٢٧/ ٢٠٨.
(٢) النهاية في الفتن والملاحم (ص: ١١٤).
(٣) المرجع السابق (ص: ١١٥)، وفيه (أبي شريحة) وهو تصحيفٌ، وأبو سَريحة هو حذيفة بن أسيد الغِفاري. ينظر: شرح النووي على مسلم ٦/ ٣٥١.

<<  <   >  >>