للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

(أراد أنهم تقدمونا وقصدُ سبيلنا عليهم، أي: نموت كما ماتوا فنكون سلفًا لمن بعدنا كما كانوا سلفًا لنا) (١)، وقال الراغب الأصفهاني (٢) (ت: بعد ٤٠٠): (السَّلَفُ: المتقدم، قال تعالى ﴿فَجَعَلْنَاهُمْ سَلَفًا وَمَثَلًا لِلآخِرِينَ﴾ [الزخرف ٥٦]، أي: مُعتَبَرًا متقدمًا) (٣)، (وفي الدعاء للميت "واجعله سلفًا لنا" (٤)، قيل: هو من سلف المال كأنه قد أسلفه وجعله ثمنًا للأجر والثواب الذي يُجازى على الصبر عليه، وقيل: سلف الإنسان من تقدمه بالموت من آبائه وذوي قرابته) (٥)، ويشهد لهذا المعنى الأخير قول النبي لفاطمة : (ولا أراني إلا قد حضر أجلي، وإنك أوّل أهلي لُحوقًا بي، ونعم السلف أنا لك) (٦) أي: المتقدم.

وقد تستعمل هذه الكلمة في الذم، كما في قوله تعالى ﴿فَجَعَلْنَاهُمْ سَلَفًا وَمَثَلًا لِلآخِرِينَ﴾ [الزخرف ٥٦]، قال مجاهد (٧) (ت: ١٠٤): (قوم فرعون كفارهم سلفًا لكفار أمة محمد (٨)،


(١) لسان العرب ٩/ ١٥٩، ويُنظر: المعجم الوسيط ١/ ٤٤٤.
(٢) الحسين بن محمد بن المفضل، أبو القاسم الأصفهاني، من أعلام الأدب والحكمة، صنف المفردات، والمحاضرات، وغيرها، توفي بعد (٤٠٠). يُنظر: السير ١٨/ ١٢٠، وبغية الوعاة ٢/ ٢٩٧.
(٣) المفردات (ص: ٤٢٠)، وتفسير آيات أشكلت ٢/ ٦٩٤.
(٤) أخرجه البيهقي في السنن ٤/ ٩ (٦٥٨٥)، موقوفًا من قول أبي هريرة ، وأخرجه البخاري ٣/ ٢٤٢ (باب: ٦٥ - قراءة فاتحة الكتاب على الجنازة)، معلَّقًا بصيغة الجزم عن الحسن البصري. ووردت لفظة (فرطًا وسلفًا) في صحيح مسلم ٥/ ٤٥١ (٢٢٨٨) من حديث أبي موسى الأشعري مرفوعًا: (إن الله ﷿ إذا أراد رحمة أُمَّةٍ من عباده قبض نبيّها قبلها، فجعله لها فَرَطًا وسَلَفًا بين يديها).
(٥) النهاية في غريب الحديث ٢/ ٣٥١.
(٦) أخرجه مسلم في صحيحه ٦/ ٨ (٢٤٥٠).
(٧) مجاهد بن جبر، أبو الحجاج المكي، من أعلم التابعين بالتفسير، ومن أشهر تلاميذ ابن عباس ، توفي سنة (١٠٤). ينظر: طبقات ابن سعد ٥/ ٣١٩، وطبقات المفسرين، للداوودي (ص: ٥٠٤).
(٨) جامع البيان ٢٥/ ١٠٩.

<<  <   >  >>