للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

ويرفع به الدرجات؟ قالوا: بلى يا رسول الله. قال: إسباغ الوضوء على المكاره، وكثرة الخُطا إلى المساجد، وانتظار الصلاة بعد الصلاة، فذلكم الرباط، فذلكم الرباط، فذلكم الرباط) (١).

أمَّا من ذهب إلى أن الرباط المُراد في الآية هو: مُلازمة الثغور في مواجهة الأعداء في الجهاد في سبيل الله، فقد اعتمدوا كذلك على صِحَّة هذا المعنى لُغةً، قال الشاعر (٢):

قومٌ رباطُ الخَيْلِ وَسْطَ بُيُوتِهِم … وأَسِنَّةٌ زُرقٌ يُخَلنَ نُجُومَا

وقال الآخر (٣):

وَفِينا رباطُ الْخَيْلِ كُلُّ مُطَهَّمٍ … رجيلٍ كَسِرْحانِ الغَضى الْمُتأَوِّبِ

بل جعله بعضهم أصل اللفظة في اللغة، وما عداه فمنقولٌ عنه، ومَجازٌ فيه (٤)، قال ابن قتيبة (ت: ٢٧٦): (وأصل المُرابطة: الرباط؛ أن يربط هؤلاء خيولهم، ويربط هؤلاء خيولهم في الثغر، كُلٌّ يُعِدُّ لصاحبه، وسُمِّيَ المقام بالثغور: رِباطًا) (٥)، وقال ابن جرير (ت: ٣١٠): (وأرى أن أصل الرباط: ارتباط الخيل للعدوّ، كما ارتبط عدوّهم لهم خيلهم، ثم استُعمِلَ ذلك في كل مقيم في ثغر، يدفع عمَّن وراءه من أراده من أعداءهم بسوء، ويحمي عنهم من بينه وبينهم، ممَّن بغاهم بشَرّ، كان ذا خيلٍ قد


(١) أخرجه مسلم في صحيحه ١/ ٤٨٧ (٢٥١).
(٢) البيت لليلى الأخيلية، ويُروى لحُميد بن ثور الهلالي. ينظر: الأمالي، للقالي ١/ ٢٥٢، وشرح ديوان حماسة أبي تمَّام ٢/ ١٠٧٣.
(٣) طُفيل الغَنَوي، والبيت ديوانه (ص: ٢٧).
(٤) المُراد بالمجاز هنا: ما يجوز استعماله فيه لُغةً، أي: المجاز اللغوي، ومنه كتاب أبي عبيدة: مجاز القرآن. ينظر: العمدة، لابن رشيق ١/ ٢٦٦، ومجموع الفتاوى ١٢/ ٢٧٧، والتفسير اللغوي (ص: ٣٣٥).
(٥) تفسير غريب القرآن (ص: ١٠٤)، وينظر: أساس البلاغة ١/ ٣٣١.

<<  <   >  >>