للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

قال عطاء الخراساني (١) (ت: ١٣٥): (إنما نزل القرآن على قدر معرفتهم، ألا ترى إلى قول الله تعالى ذكره ﴿وَاللَّهُ جَعَلَ لَكُمْ مِمَّا خَلَقَ ظِلَالًا وَجَعَلَ لَكُمْ مِنَ الْجِبَالِ أَكْنَانًا﴾ [النحل ٨١]؟، وما جعل لهم من السهول أعظم وأكثر، ولكنهم كانوا أصحاب جبال، ألا ترى إلى قوله ﴿وَمِنْ أَصْوَافِهَا وَأَوْبَارِهَا وَأَشْعَارِهَا أَثَاثًا وَمَتَاعًا إِلَى حِينٍ﴾ [النحل ٨٠]؟، وما جعل لهم من غير ذلك أعظم منه وأكثر، ولكنهم كانوا أصحاب وَبَر وشَعَر، ألا ترى إلى قوله ﴿وَيُنَزِّلُ مِنَ السَّمَاءِ مِنْ جِبَالٍ فِيهَا مِنْ بَرَدٍ﴾ [النور ٤٣]، يُعَجِّبُهم من ذلك؟ وما أنزل من الثلج أعظم وأكثر، ولكنهم كانوا لا يعرفون به، ألا ترى إلى قوله ﴿سَرَابِيلَ تَقِيكُمُ الْحَرَّ﴾ [النحل ٨١]؟، وما تقي من البرد أكثر وأعظم، ولكنهم كانوا أصحاب حَرّ) (٢).

ثانيًا: أن التفسير النبوي غير الصريح، مُرَجِّحٌ شافعٌ لصحة المعنى؛ وتقديمِه على ما لم يكن كذلك.

ثالثًا: أن التفسير النبوي غير الصريح إذا قوبل بمثله فلا ترجيح بهما، ويُرَجَّح بغيرهما من وسائل الترجيح، وإنما يتَقَدمان بذلك على غيرهما من الأقوال.

رابعًا: يترَجَّحُ معنىً من المعاني المُتساوية في الآية إذا كان أحدها هو الأصل لُغةً، وما عداه منقول عنه، أو مجاز فيه.

خامسًا: أن حمل معاني كلام الله تعالى على الأشهر والأظهر عند من نزل القرآن عليهم وبِلُغَتِهم أولى وأحرى من حمله على ما سواه من المعاني، وبهذا رَجَّح المفسرون كثيرًا من اختياراتهم، قال الدارمي (ت: ٢٨٠): (لا يُحكَم للأغرب من


(١) عطاء بن أبي مسلم ميسرة- وقيل: عبد الله- أبو عثمان الخراساني، المحدث المفسر، صنف: تنْزيل القرآن، وتفسيره، وناسخه ومنسوخه، توفي سنة (١٣٥). ينظر: السير ٦/ ١٤٠، وطبقات المفسرين، للداوودي (ص: ٢٦٤).
(٢) جامع البيان ١٤/ ٢٠٥. وينظر: شفاء الصدور (مخطوط، ص: ٢٥).

<<  <   >  >>