للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

جُزَي (ت: ٧٤١) عن هذا المعنى: (وهذا خارجٌ عن اشتقاق اللفظ) (١)، وهذا صحيح؛ فإن الخَلطَ أو المَزجَ ليس مُشتَقًّا من الخَتم، قال ابن جرير (ت: ٣١٠): (وأمَّا الختْمُ بمعنى: المَزج، فلا نعلمه مسموعًا من كلام العرب) (٢)، لكن يُشكِل على هذا أنه تفسير ابن مسعود الصريح للفظة "الختام"، وهو من قد جمع إلى عربيَّتِه الأصيلة علمَ الكتابِ والسُّنة. والجواب: أن هذا المعنى لم يَجرِ من ابن مسعود مجرى التفسير للَّفظ؛ فإنه لا يخفى على مثل ابن مسعود معنى "الخِتام"، وإنما قَصَدَ بيان المعنى وتقريبه بأوضح سبيل، ففسره بأوَّل حُصول المسك في الشراب، وهو اختلاطه، وهذا ليس نفيًا لمعنى: آخِره مسك. بل هو يؤدي إليه؛ فإنه لا يكون آخره حتى يختلط به وتحصل فيه رائحته، قال الواحدي (ت: ٤٦٨) عن قول ابن مسعود هذا: (وليس بتفسير؛ لأن الختم لا يكون تفسيره بالمَزج، ولكن لَمَّا كانت له عاقبةٌ هي ريحُ المسك، فَسَّره بالممزوج؛ لأنه لو لم يَمتَزج بالمسك لَما حصل فيه ريح المسك) (٣)، ويدلُّ على ذلك تفسير ابن مسعود للآية قبلها، وهي قوله تعالى ﴿يُسْقَوْنَ مِنْ رَّحِيقٍ مَّخْتُومٍ﴾ [المطففين ٢٥]، قال: (ممزوج) (٤)، كما يُؤَكده أن ابن مسعود ، وعلقمة (ت: ٦٢)، ورد عنهما تفسير "الخِتام": بآخر الشيء ومنتهاه. على الأصل لُغَةً (٥)، وهذا يؤكد قصدَ التقريب في ذلك المَقام لِحاجَةٍ تقتضيه.

فهذا المعنى الثالث راجِعٌ في حقيقته إلى المعنى الثاني، الذي هو الراجح في معنى هذه الآية.


(١) التسهيل ٤/ ٣٥٠.
(٢) جامع البيان ٣٠/ ١٣٤.
(٣) التفسير الكبير ٣١/ ٩٠. وليس في الوسيط، أو الوجيز للواحدي، فلعله في البسيط.
(٤) زاد المسير (ص: ١٥٢٦).
(٥) ينظر: معاني القرآن، للفراء ٣/ ٢٤٨، وتهذيب اللغة ٧/ ١٣٨، والدر ٨/ ٤١٣.

<<  <   >  >>