للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

التهلكة هنا: بترك النفقة في سبيل الله، على ما هو ظاهر من الآية، فعن البراء بن عازب أنه قيل له: الرجل يحمل على المشركين، أهو ممن ألقى بيده إلى التهلكة؟ قال: (لا؛ لأن الله ﷿ بعث رسوله فقال ﴿فَقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ لَا تُكَلَّفُ إِلاَّ نَفْسَكَ﴾ [النساء ٨٤]، إنما ذاك في النفقة) (١)، وقال ابن عباس : (ليس التهلكة أن يُقتَل الرجل في سبيل الله، ولكن الإمساك عن النفقة في سبيل الله) (٢)، وقال حذيفة عن هذه الآية: (نزلت في النفقة) (٣)، وفسَّرَها بذلك سعيد بن جبير (ت: ٩٥)، ومجاهد (ت: ١٠٤)، وعكرمة (ت: ١٠٥)، والضحاك (ت: ١٠٥)، والحسن (ت: ١١٠)، وعطاء (ت: ١١٤)، وقتادة (ت: ١١٧)، والسُّدي (ت: ١٢٨)، والأعمش (ت: ١٤٨)، ومقاتل بن حيان (ت: ١٥٠)، ومقاتل بن سليمان (ت: ١٥٠). (٤)

كما فُسِّرَت بأنها القنوط، والإقامة على الذنوب، قيل للبراء : يا أبا عمارة، أرأيت قوله تعالى ﴿وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ﴾ [البقرة ١٩٥]، أهو الرجل يتقدم فيقاتل حتى يُقتل؟ قال: (لا، ولكنه الرجل يعمل بالمعاصي، ثم يلقي بيده ولا يتوب) (٥)، وروي نحو ذلك عن النعمان بن بشير ، وعَبِيدَة السَّلْمَاني (٦)


(١) أخرجه ابن جرير في تفسيره ٢/ ٢٧٧ (٢٥٩١)، وعزاه ابن حجر لابن المنذر، وصححه. ينظر: الفتح ٨/ ٣٣.
(٢) أخرجه ابن جرير في تفسيره ٢/ ٢٧٤ (٢٥٧٦)، والسنن الكبرى، للبيهقي ٩/ ٤٥ (١٧٧٠٣)، والدر ١/ ٤٦٢.
(٣) أخرجه البخاري في صحيحه ٨/ ٣٣ (٤٥١٦).
(٤) ينظر: تفسير مقاتل ١/ ١٠٢، وجامع البيان ٢/ ٢٧٣، وتفسير ابن أبي حاتم ١/ ٣٣١، وسنن البيهقي الكبرى ٩/ ٤٥.
(٥) أخرجه ابن جرير ٢/ ٢٧٧ (٢٥٩١)، وابن أبي حاتم ١/ ٣٣٢ (١٧٤٨)، والبيهقي في السنن ٩/ ٤٥ (١٧٧٠٥)، وإسناده صحيح. ينظر: الفتح ٨/ ٣٤.
(٦) عبيدة بن عمرو السَّلْماني المُرادي، أبو عمرو الكوفي، فقيه مُقرئ، من أجل أصحاب ابن مسعود، أسلم قبل وفاة النبي بسنتين، ومات سنة (٧٢) على الصحيح. ينظر: السير ٤/ ٤٠، وتهذيب التهذيب ٣/ ٤٥.

<<  <   >  >>