للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

حمل الآية بعد ذلك على ما يشمله لفظها العام، كما ذكره الراغب الأصفهاني (ت: بعد ٤٥٠)، والرازي (ت: ٦٠٤)، وابن كثير (ت: ٧٧٤) (١)، وابن رجب (ت: ٧٩٥) وقال: (فهذه خصال اليهود والمنافقين .. ، ومن كانت هذه صفته فهو داخل في هذه الآية ولا بُدَّ) (٢)، وابن حجر (ت: ٨٥٢)، وابن عاشور (ت: ١٣٩٣) (٣)، وورد عن بعض السلف الاستدلال بعمومها. (٤)

وأظهر ما تكون هذه الصفات المذمومة- الواردة في الآية- في المنافقين بعد اليهود؛ ولذا حملها عليهم عدد من الصحابة ، كأبي سعيد الخدري، وزيد بن ثابت، ورافع بن خَديج. (٥)

ولا يُفهَم من قول ابن عباس : (ما لكم ولهذه الآية؟) منع القول بعمومها، وإنما أراد التنبيه على أولى معانيها وأقربها من حيث النُّزول والسياق، وقد تحمل عبارته على إنكاره عليهم قصر معنى الآية على ما ذكروه، أو تركهم لمَا هو أولى من المعنى (٦). وقد رَدَّ ابن مسعود على من منعَ عموم الآية، واشتمالها على من تحققت فيه هذه الصفات من هذه الأمة، فقال للرجل الذي قال: إن كَعبًا يَقْرأ عليك السلام، ويقول-وفي لفظ: ويُبَشِّرُكم- إن هذه الآية لم تنْزل فيكم: ﴿لَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَفْرَحُونَ بِمَا أَتَوا وَيُحِبُّونَ أَنْ يُحْمَدُوا بِمَا لَمْ يَفْعَلُوا﴾ [آل عمران ١٨٨]. فقال ابن مسعود:


(١) ينظر: تفسير الراغب الأصفهاني ٢/ ١٠٣٦، والتفسير الكبير ٩/ ١٠٨، وتفسير ابن كثير ٢/ ٨٢٢.
(٢) الفرق بين النصيحة والتعيير ٢/ ٤١٤، ضمن مجموع رسائل الحافظ ابن رجب.
(٣) ينظر: فتح الباري ٨/ ٨٢، والتحرير والتنوير ٤/ ١٩٣.
(٤) ينظر: السير ٧/ ٤٦٠.
(٥) ينظر: تفسير ابن وهب ٢/ ٣٧، وتفسير ابن كثير ٢/ ٨٢٣.
(٦) ذهب ابن الوزير (ت: ٨٤٠) في إيثار الحق على الخلق (ص: ٣٨٥) إلى أن المعنى في هذه الآية مقصورٌ على سببه الذي ذكره ابن عباس، وادعى في ذلك الإجماع، ولا يصِحُّ ما ادَّعاه؛ لِمَا سبق عن السلف والأئمة من صِحَّة العموم.

<<  <   >  >>