للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

تضعيف الحسنة. ويقوي العموم في الآية قوله فيما يرويه عن ربه ﷿ قال: (إن الله كتب الحسناتِ والسيئاتِ ثم بيَّنَ ذلك: فمن هَمَّ بحسنة فلم يعملها كتبها الله له عنده حسنةً كاملةً، فإن هو هَمَّ بها وعملها كتبها الله له عنده عشر حسنات، إلى سبعمائة ضعف، إلى أضعاف كثيرة، ومن هَمَّ بسيئة فلم يعملها كتبها الله له عنده حسنةً كاملةً، فإن هو هَمَّ بها فعملها كتبها الله له سيئةً واحدةً) (١)، وفي لفظ: (ثم قرأ ﴿مَنْ جَاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا﴾ [الأنعام ١٦٠]) (٢).

وذهب أبو هريرة إلى تخصيص التضعيف بعشر حسنات الوارد في الآية بالأعراب- وهم من أسلم من غير المهاجرين في ذلك الوقت (٣) -، وأكَّدَ نفيه للعموم بالقسم، وحَدَّد مقدار ما يُضاعَف للمهاجرين بسبعمائة. واستُدِلَّ لذلك بسبب النُّزول، فعن ابن عمر قال: (نزلت هذه الآية ﴿مَنْ جَاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا﴾ [الأنعام ١٦٠] في الأعراب، والأضعاف للمهاجرين)، وفي لفظ: (فقال رجل: فما للمهاجرين؟ قال: ما هو أعظم، ﴿وَإِنْ تَكُ حَسَنَةً يُضَاعِفْهَا وَيُؤْتِ مِنْ لَّدُنْهُ أَجْرًا عَظِيمًا﴾ [النساء ٤٠]، وإذا قال الله لشيء عظيم فهو عظيم)، وصَحَّ نحوه عن أبي سعيد الخدري (٤)، ويُقَوِّي ذلك قوله تعالى ﴿إِنَّ اللَّهَ لَا يَظْلِمُ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ وَإِنْ تَكُ حَسَنَةً يُضَاعِفْهَا وَيُؤْتِ مِنْ لَّدُنْهُ أَجْرًا عَظِيمًا﴾ [النساء ٤٠]، فحُمِلَت المُضاعفة المُجملة في هذه الآية على عملِ المُهاجرين، وحُملَت المُضاعفة المُفسَّرة في آية الأنعام على عموم المسلمين (٥)، كما يُقَوِّي تخصيص المُهاجرين بالمُضاعفة المُطلَقة بيانُ أن من عَظُمَت منْزلته


(١) أخرجه البخاري في صحيحه ١١/ ٣٣١ (٦٤٩١)، ومسلم في صحيحه ١/ ٣١٢ (١٣٠).
(٢) أخرجه الترمذي ٥/ ٢٦٥ (٣٠٧٣).
(٣) ينظر: شرح الطِّيبيِّ على المشكاة ٥/ ١٦٩٠، وعون المعبود ٣/ ٤١.
(٤) سبق تخريجهما في شواهد الاستدراك.
(٥) ينظر: جامع البيان ٥/ ١٢٨.

<<  <   >  >>