للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

على ما قلنا) (١)، وهو ما أشار إليه ابن عمر بقوله: (إن الله لم يأمرني أن أقتلها)، وفي لفظٍ: (أفأقتُلها؟!)، ويُوَضِّحُهُ الاستعمال القرآني لكلمة الجلد، قال الثعلبي (ت: ٤٢٧): (يدُلُّ عليه من الآية أن الله أمَرَ بالجَلد؛ وهو: ضَربُ الجِلد. كالرَّأسِ: لِضَربِ الرأس. فَذَكَرَ الضربَ بلفظِ الجَلدِ لِئَلا يَنكَأَ، ولا يجرح، ولا تبلغ به اللحم) (٢)، وقد رُوِيَ عن عمر وعلي التخفيف في صفة جلد الزاني (٣)، وهذا ضَربٌ من الرأفَة يَدُلُّ على أن المُراد في الآية النهي عن الرأفة المانعة من إقامة الحدّ (٤)، والرأفةُ أمرٌ جِبِلِّيّ لا يتعلق بها تكليف، وإنما النهي عن آثارها كترك الجلد أو تنقيصه أو تخفيفه (٥)، كما أن من هدي القرآن التحذير من موانع الحكم بما أنزل الله، سواءً كان المانع من خارج النفس، كما في قوله تعالى ﴿فَلَا تَخْشَوُا النَّاسَ وَاخْشَوْنِ وَلَا تَشْتَرُوا بِآيَاتِي ثَمَنًا قَلِيلًا وَمَنْ لَّمْ يَحْكُم بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ﴾ [المائدة ٤٤]، وقوله ﴿فَاحْكُم بَيْنَهُم بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ﴾ [المائدة ٤٨]، أو كان من داخل النفس، كالهوى، والرأفة المانعة من إقامة الحَدِّ، كما في هذه الآية. وهو قولُ جماعةِ المفسرين (٦).


(١) جامع البيان ١٨/ ٩٠.
(٢) الكشف والبيان ٧/ ٦٣.
(٣) ينظر: مصنف ابن أبي شيبة ٥/ ٤٩٥، ومصنف عبد الرزاق ٧/ ٣٦٨، والتمهيد ١٤/ ٧٧.
(٤) ينظر: التمهيد ١٤/ ٧٧، والمحرر الوجيز ٤/ ١٦٢.
(٥) ينظر: الإمام في بيان أدلة الأحكام (ص: ١٨٠).
(٦) قاله في التمهيد ١٤/ ٧٧. وينظر: معاني القرآن، للفراء ٢/ ٢٤٥، وتفسير ابن سلاَّم ١/ ٤٢٦، وجامع البيان ١٨/ ٩٠، ومعاني القرآن وإعرابه ٤/ ٢٨، ومعاني القرآن، للنحاس ٤/ ٤٩٦، ونكت القرآن ٢/ ٣٧٩، وبحر العلوم ٢/ ٤٢٥، والوسيط ٣/ ٣٠٣، وغرائب التفسير ٢/ ٧٨٨، والمحرر الوجيز ٤/ ١٦٢، والتفسير الكبير ٢٣/ ١٣٠، والإمام في بيان أدلة الأحكام (ص: ١٨٠)، وأنوار التنْزيل ٢/ ٧١٢، ومجموع الفتاوى ١٥/ ٢٨٧، ٢٨٩، والبحر المحيط ٦/ ٣٩٤، وتفسير ابن كثير ٦/ ٢٤٦٠.

<<  <   >  >>