للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

قَوْمٌ عَلَى الإسْلام لَمَّا يَمْنَعوا … مَاعُونَهُم وِيُضَيِّعُوا التَّنْزِيلا) (١).

وقد سبق ذِكْرُ اشتهار المعنى الأول عند الصحابة ، ولعل قِسمَةَ أبي عبيدة باعتبار الأشهر، فالأول أشهر في الجاهلية، والثاني أشهر في الإسلام. (وأصلُ الماعون من كل شيء منفعته) (٢)، وهو بهذا الاعتبار يشمل كُلَّ مَنفَعة أو معروفٍ أو متاعٍ يتعاطاه الناس بينهم، فيشمل هذين القولين وغيرهما من أقوال المفسرين؛ كقول من قال أنه: المال، أو الماء، أو المنخل، أو الإبرة، أو الدلو، والفأس، والقدر، ونحو ذلك من الأقوال التي هي كالتمثيل للمعنى. (٣)

وذهب النحاسُ (ت: ٣٣٨) إلى أن الماعون مُشتَقٌّ من المَعْن، وقال: (وهذه الأقوال ترجع إلى أصلٍ واحد، وإنما هو الضَّن بالشيء اليسير الذي يجب ألا يُضَنَّ به، مُشتَقٌّ من المَعْن؛ وهو: الشيء القليل) (٤)، ويشمل الزكاة؛ لأنها قليل من المال. (٥)

والقول بالعموم في معنى الماعون هو الصحيح؛ لأن اللفظَ عامٌّ في الآية، ولا مُخَصِّصَ له، قال عكرمة (ت: ١٠٥): (رأسُ الماعون زكاة المال، وأدناه المنخل، والدلو، والإبرة) (٦)، قال ابن كثير (ت: ٧٧٤): (وهذا الذي قاله عكرمة حسَنٌ؛ فإنه يشمل


(١) مجاز القرآن ٢/ ٣١٣، ونقل ابن الأنباري هذا النص من قول يونس بن حبيب. ينظر: الزاهر ١/ ٣١٢.
(٢) جامع البيان ٣٠/ ٤٠٥، وينظر: معاني القرآن، للفراء ٣/ ٢٩٥، ومعاني القرآن وإعرابه ٥/ ٣٦٨، والصَّحاح ٦/ ٢٢٠٤.
(٣) جامع البيان ٣٠/ ٤٠٩، وزاد المسير (ص: ١٥٩٥).
(٤) إعراب القرآن ٥/ ١٨٧، وينظر: شرح اختيارات المفضل، للتبريزي ١/ ٢٦٦.
(٥) قال الزجاج (ت: ٣١١): (سُمِّيَت الزكاة ماعونًا بالشيء القليل؛ لأنه يؤخذ من المال ربع عُشره، وهو قليل من كثير). تهذيب اللغة ٣/ ١٣. وهو رأي قطرب (ت: ٢٠٦). ينظر: الجامع لأحكام القرآن ٢٠/ ١٤٦، والبحر المحيط ٨/ ٥١٩، وغرائب التفسير ٢/ ١٣٩٦.
(٦) أخرجه البخاري في صحيحه تعليقًا بصيغة الجزم ٨/ ٦٠٢، ووصله سعيد بن منصور في سننه، كما في الفتح ٨/ ٦٠٣، وابن أبي حاتم، كما في تفسير ابن كثير ٨/ ٣٨٧١.

<<  <   >  >>