للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

كما ورد عن أنس بن مالك، وابن عباس ، وعكرمة (ت: ١٠٥). (١)

وذهب مجاهد إلى أن المعنى: دين الله. وهو ما وافقه عليه عكرمة بعد ذلك (٢)، ويشهد له لفظ الآية وسياقها، فهو من تغيير خلق الله؛ إذ خَلَقَ اللهُ عبادَه على الفطرة والحنيفية، قال تعالى ﴿فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفًا فِطْرَةَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ﴾ [الروم ٣٠]، فالفطرة التي فطر الله الناس عليها ولا تبديل لها هي: الدين القَيِّم. (والمعنى على التحقيق: لا تُبَدِّلوا فطرة الله التي خلقكم عليها بالكفر. فقوله ﴿لا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ﴾ [الروم ٣٠]، خبرٌ أُرِيدَ به الإنشاء، إيذانًا بأنه لا ينبغي إلا أن يُمتثَل، حتى كأنه خبرٌ واقِعٌ بالفعل لا محالة، ونظيره قوله تعالى ﴿فَلَا رَفَثَ وَلَا فُسُوقَ﴾ [البقرة ١٩٧]، أي: لا ترفثوا، ولا تفسقوا) (٣). ومن شواهد هذا المعنى في السنة حديث أبي هريرة مرفوعًا: (ما من مولود إلا يولد على الفطرة، فأبواه يُهَوِّدَانه، أو يُنَصِّرَانه، أو يُمَجِّسَانه، كما تنتج البهيمة بَهيمةً جمعاء، هل تُحسُّون فيها من جدعاء؟. ثم يقول أبو هريرة : ﴿فِطْرَةَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا﴾ [الروم ٣٠]) (٤)، وقال فيما يرويه عن ربه: (وإني خلقت عبادي حنفاء كلَّهم، وإنهم أتتهم الشياطينُ فاجْتَالَتْهُم عن دينهم، وحرَّمَت عليهم ما أحللتُ لهم) (٥).


(١) ينظر: جامع البيان ٥/ ٣٨٢.
(٢) ينظر: بحر العلوم ١/ ٣٨٩.
(٣) أضواء البيان ١/ ٣٢٨. وينظر: معاني القرآن وإعرابه ٢/ ١١٠، والتفسير الكبير ١١/ ٣٩، وتفسير ابن كثير ٣/ ١٠٢٠.
(٤) أخرجه البخاري في صحيحه ٣/ ٢٦٠ (١٣٥٩)، ومسلم في صحيحه ٦/ ١٥٧ (٢٦٥٨).
(٥) أخرجه مسلم في صحيحه ٦/ ٣٢٠ (٢٨٦٥).

<<  <   >  >>