للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

أو: نحوهما من التغيير الظاهر، كقطع الآذان، وفقء العيون. (١)

والقول الأول أولى القولين بالصواب؛ لأنه أَعَمُّ؛ فالقول الثاني داخِلٌ فيه، ولدلالة آية الروم السابقة عليه، ولأنه سبق ذِكرُ التغيير في الأجسام قبل هذه الجملة في الآية، وذلك في قوله تعالى ﴿وَلآمُرَنَّهُمْ فَلَيُبَتِّكُنَّ آذَانَ الأَنْعَامِ﴾ [النساء ١١٩]، فناسب أن يذكر بعدَ ذلك تغييرًا آخرَ، هو أعظم من سابقه، وليس من تمام الفصاحة الإجمال بعد التفصيل، وإنما العكس، (وتوجيه كتاب الله إلى الأفصح من الكلام أولى من توجيهه إلى غيره، ما وُجِدَ إليه السبيل) (٢).

والأقوال في المعنى الثاني لا تعدوا أن تكون أمثلةً لتبديل دين الله (٣)، قال الربيع بن أنس (ت: ١٣٩): (من تغيير خلق الله الإخصاء) (٤)، ويدُلُّ على إرادة أصحابِها التمثيلَ: تعدد الوارد عن أكثرهم في كلا المعنيين، ومنهم عكرمة (ت: ١٠٥)، كما في رواية الاستدراك، إذ ذكر كلا المعنيين لسائلٍ واحد.

وأما ما ورد عن أنس وابن عباس ، وعكرمة (ت: ١٠٥) من أنها نزلت في الخِصاء، فهو من قبيل التفسير بالمعنى والتمثيل له، أي أنه مِمَّا يدخل في معنى الآية. واستعمال السلف لصيغة سبب النُّزول في هذا المعنى كثير مشهور. (٥)

وهذه الأنواع المذكورة في القول الثاني إنما حُرِّمَت لِمَا فيها من مخالفة الشرع، وطاعة الشيطان، والضرر العاجل والآجِل، قال ابن عطية (ت: ٥٤٦): (وملاكُ تفسير


(١) ينظر: الكشف والبيان ٣/ ٣٨٨.
(٢) جامع البيان ٥/ ٣٨٧.
(٣) ينظر: معاني القرآن، للنحاس ٢/ ١٩٦، والبحر المحيط ٣/ ٣٧٠، وفتح القدير ١/ ٨١٩.
(٤) جامع البيان ٥/ ٣٨٢ (٨٢٥٦).
(٥) ينظر: مجموع الفتاوى ١٣/ ٣٣٨، والبرهان في علوم القرآن ١/ ٥٦، والفوز الكبير في أصول التفسير (ص: ٩٥).

<<  <   >  >>