للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

أولًا: استقامة سياق الآية ولفظها به، وقد سبق بيانه.

ثانيًا: أن الله تعالى صَرَّحَ بأنه هو الذي زوجه إياها؛ لحكمة قطع تحريم أزواج الأدعياء، قال تعالى ﴿فَلَمَّا قَضَى زَيْدٌ مِّنْهَا وَطَرًا زَوَّجْنَاكَهَا لِكَيْ لا يَكُونَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ حَرَجٌ فِي أَزْوَاجِ أَدْعِيَائِهِمْ﴾ [الأحزاب ٣٧]، وهذا صريح في أن سبب زواجه بِها ليس محبته لها التي كانت سببًا في طلاق زيد لها، وإنما هو أمر الله لتحقيق تلك الحكمة، ويوضحه قوله تعالى ﴿فَلَمَّا قَضَى زَيْدٌ مِّنْهَا وَطَرًا﴾ [الأحزاب ٣٧]، أي: لم تبق له بِها حاجَة، فطلَّقَها باختياره. (١)

ثالثًا: دلالة ألفاظ الآية وما بعدها عليه، كقوله تعالى ﴿وَكَانَ أَمْرُ اللَّهِ مَفْعُولًا﴾ [الأحزاب ٣٧]، أي: لابدَّ لك أن تتزوجها. وقوله ﴿مَا كَانَ عَلَى النَّبِيِّ مِنْ حَرَجٍ فِيمَا فَرَضَ اللَّهُ لَهُ﴾ [الأحزاب ٣٨]، فنفيُ الحَرَج عن رسول الله في هذه الحادثة صريحٌ، ولو كان على ما قِيلَ من وقوع زينب في قلبه ، ومحبته طلاق زيد لها، لكان فيه أعظم الحَرَج عليه (٢). وكذا قوله تعالى ﴿وَكَانَ أَمْرُ اللَّهِ قَدَرًا مَّقْدُورًا﴾ [الأحزاب ٣٨]، أي: جميع ذلك بأمر الله وتقديره واختياره لرسوله، ولا ذكر في كل ذلك لمحبة رسول الله لها، ورغبته في طلاقها. (٣)

رابعًا: أنه الأليق بمقام رسول الله ، وفيه حفظٌ لعصمة النبوة، ومقام الرسالة. (٤)

وأما القول الأول فلم يرد فيه خبرٌ يصح الاعتماد عليه، وجميع ما فيه آثار مقطوعة واهية، قال ابن كثير (ت: ٧٧٤): (ذكر ابنُ جرير وابنُ أبي حاتم هاهُنا آثارًا


(١) ينظر: أضواء البيان ٦/ ٣٨٢.
(٢) ينظر: الشفا (ص: ٢٠١).
(٣) ينظر: ملاك التأويل ٢/ ٩٥١.
(٤) ينظر: تفسير السمعاني ٤/ ٢٨٦، وأحكام القرآن، لابن العربي ٣/ ٤٥٨، والشفا (ص: ٢٠١)، ومعالم التنْزيل ٦/ ٣٥٦.

<<  <   >  >>