للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

في هذه الآية يَحرُم نقله، وهو في كتاب ابن عطية) (١)، ومُجمَلُ وجوه ضعفه: أنه مُخالفٌ للفظ الآية وسياقها، فالضمير في قوله ﴿لَقَدْ كُنْتَ فِي غَفْلَةٍ مِّنْ هَذَا﴾ [ق ٢٢] إنما يعود إلى أقرب مذكور، وهي النفس في قوله تعالى ﴿وَجَاءَتْ كُلُّ نَفْسٍ مَعَهَا سَائِقٌ وَشَهِيدٌ﴾ [ق ٢١]، وإعادته إلى القرآن أو الوحي إخراجٌ له عن نظم الآية بلا دليل، وكذلك الضمير بعد هذا في قوله ﴿وَقَالَ قَرِينُهُ﴾ [ق ٢٣] إنما يعود على أقرب مذكور وهو الذي يُقال له ﴿فَبَصَرُكَ الْيَوْمَ حَدِيدٌ﴾ [ق ٢٢]، ولا يصح به المعنى على هذا القول، وإن جعلناه عائدًا على النفس في الآية المتقدمة جاء هذا الاعتراض في خطاب محمد غير متمكنٍ، ومُخالف لنظم الآية.

والثاني: قول ابن كيسان (ت: بعد ١٤٠) أن المراد: الكافر. وسبقه ابن عباس ، من رواية ابن أبي طلحة، ومجاهد (ت: ١٠٤)، والضحاك (ت: ١٠٥)، واختاره مقاتل (ت: ١٥٠)، والثوري (ت: ١٦١)، والحداد (ت: ٨٠٠)، وابن عاشور (ت: ١٣٩٣) (٢)، وهو وإن كان أقرب من سابقه، ويُمكِنُ تخصيص السياق به على تكلُّف، إلا أن العموم الوارد في قوله تعالى في أول سياق الآيات ﴿وَلَقَدْ خَلَقْنَا الإِنسَانَ وَنَعْلَمُ مَا تُوَسْوِسُ بِهِ نَفْسُهُ﴾ [ق ١٦]، وقوله ﴿وَجَاءَتْ كُلُّ نَفْسٍ﴾ [ق ٢١] أولى منه، وأحرى أن تُحمَلَ الآيةُ عليه؛ إذ الكلام فيما بين ذلك وبعده مرتبطٌ به ارتباطًا ظاهرًا (٣)، ثُمَّ هي أحوالٌ تمرُّ على كلِّ بَرٍّ وفاجرٍ، ولا موجب للتخصيص فيها، وقد صَحَّ عن أبي بكر ما يشهد لهذا القول، فإنه لَمَّا دخلت عليه عائشة في ساعة موته قالت: (هذا كما قال الشاعر (٤):


(١) البحر المحيط ٨/ ١٢٥.
(٢) ينظر: تفسير مقاتل ٣/ ٢٧٠، وجامع البيان ٢٦/ ٢١٠، وزاد المسير (ص: ١٣٤١)، وتفسير الحداد ٦/ ٣١٤، والتحرير والتنوير ٢٦/ ٣٠٧.
(٣) ينظر: جامع البيان ٢٦/ ٢٠٩، وتفسير ابن كثير ٧/ ٣٢٩١.
(٤) حاتم الطائي، ينظر: الشعر والشعراء (ص: ١٣٤)، والأغاني ١٧/ ٢٧٤. وصدره:
أَمَاوِيُّ ما يُغنِي الثَّراءُ عن الفتى

<<  <   >  >>