للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

على المُؤَنث. (١)

رابعًا: أن هذا الخطاب موَجَّه للجن والإنس المُحاسَبين في عرصات القيامة، وهم هنا جماعةٌ واحِدة هي الثقلان، والرسل منهم على تلك الحال، سواءٌ كانوا من كلٍّ منهما أو من أحدهما. (٢)

وهذه الوجوه قد يرجع بعضها إلى بعض.

أمَّا قول من ذكر أن من الجن رسلًا: إن الرسل إنما تُبعَثُ من أقوامهم، وقوم الجن غير قوم الإنس. فلا إشكال فيه؛ لأن حكمةَ ذلك أن يُفهَم خطابهم، ويأنس بهم أقوامهم، قال تعالى ﴿وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ رَسُولٍ إِلاَّ بِلِسَانِ قَوْمِهِ لِيُبَيِّنَ لَهُمْ﴾ [إبراهيم ٤]، وكُلُّ ذلك حاصِلٌ في بعث رسل الإنس إلى الثقلين، فالجن تخالطُ الإنس، وتفهم خطابهم، وترى الإنسَ من حيثُ لا يرونهم، وقد بعث الله رسولَه محمدًا إلى كافَّة الخلق؛ جِنَّهُم وإنسَهم، بإجماع المسلمين (٣)، فلو لم تَقُم بذلك حُجَّة لم يبعثه الله تعالى إليهم.

وقد سبق مجاهدًا في قوله في الآية ابنُ عباس ، ووافقه الحسن (ت: ١١٠)، والكلبي (ت: ١٤٦)، وابن جُرَيج (ت: ١٥٠)، والفراء (ت: ٢٠٧)، وابن قتيبة (ت: ٢٧٦) (٤)، وهو أشهر القولين وأَوْلاهُما، وعليه جمهور العلماء (٥)، وأكثر


(١) ينظر: الجامع لأحكام القرآن ٧/ ٥٧.
(٢) ينظر: المرجع السابق.
(٣) ينظر: التمهيد ١٥/ ٢١٩، وفتح الباري ٦/ ٣٩٧، والعذب النمير ٢/ ٦٦٥.
(٤) ينظر: معاني القرآن، للفراء ١/ ٣٥٤، وتأويل مشكل القرآن (ص: ١٧٥)، وجامع البيان ٨/ ٤٨، والنكت والعيون ٢/ ١٧٠، وزاد المسير (ص: ٤٦٨)، وتفسير ابن كثير ٣/ ١٣٦٦.
(٥) ينظر: مجموع الفتاوى ٤/ ٢٣٤، وتفسير ابن كثير ٣/ ١٣٦٦، والبحر المحيط ٤/ ٢٢٥، وفتح الباري ٦/ ٣٩٦، ولوامع الأنوار البهية ٢/ ٢٢٣، والعذب النمير ٢/ ٦٦٤.

<<  <   >  >>