للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

أن الله تعالى أثنى على هؤلاء القوم من الأنصار لتطهرهم بالماء (١)، وجاءت السنة بهذا المعنى في دعائِه بعد الوضوء: (اللهم اجعلني من التوابين، واجعلني من المتطهرين) (٢)، فتطابق دعاء رسول الله مع لفظ الآية، واقترن بالوضوء بالماء، فدلَّ على أنه المُراد.

أمَّا أبو العالية (ت: ٩٣) فقد أثنى على التطهر بالماء، وذكر أنه أمرٌ حَسَنٌ فَضيلٌ، لكن المُراد عنده بالتطهر في الآية: من الذنوب. وهو معنىً مأخوذٌ من عموم اللفظ، ومناسب لسياق الآية، وله شواهد في القرآن. فالتطهر في الآية جاء مقرونًا ب"أل" المفيدة للعموم والاستغراق، وأولى ما تَطَهَّرَ منه العبدُ ذنوبَه، وطهارة الباطن أصلٌ لطهارة الظاهر، وهو الأنسب لذكر التوابين في الآية، والثناء عليهم بترك الذنوب والطهارة منها. ويشهد له من القرآن قوله تعالى ﴿خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا﴾ [التوبة ١٠٣]، وقوله ﴿فَمَا كَانَ جَوَابَ قَوْمِهِ إِلاَّ أَنْ قَالُوا أَخْرِجُوا آلَ لُوطٍ مِنْ قَرْيَتِكُمْ إِنَّهُمْ أُنَاسٌ يَتَطَهَّرُونَ﴾ [النمل ٥٦]، وقوله سبحانه: ﴿إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا﴾ [الأحزاب ٣٣]، قال الطحاوي (ت: ٣٢١): (فإن ذلك عند جميعهم على التطهير من الذنوب، ومن سائر الأشياء التي تدنس بني آدم) (٣).


(١) ينظر: مسند أحمد ٣/ ٤٢٢ (١٥٥٢٤)، وسنن أبي داود ١/ ١١ (٤٤)، وجامع الترمذي ٥/ ٢٨٠ (٣١٠٠)، وسنن ابن ماجة ١/ ١٢٧ (٣٥٥)، وجامع البيان ١١/ ٤٠، وأحكام القرآن، للطحاوي ١/ ١٣١.
(٢) أخرجه الترمذي في الجامع ١/ ٧٨ (٣٨٤) عن عمر، والطبراني في الأوسط ٥/ ١٤٠ عن ثوبان، والبيهقي في السنن الصغرى ١/ ٩٤ (١١٢) عن ابن عمر وأنس، وهو حديث حسن بطرقه، وذكر ابن القيم ثبوته في زاد المعاد ١/ ١٨٨، وقد أعلَّه الترمذي بالاضطراب، وأجاب عنه أحمد شاكر في تعليقه على جامع الترمذي ١/ ٧٩. وله شواهد عن علي وحذيفة ، في مصنف ابن أبي شيبة ١/ ١٣ (٢٠، ٢٥)، وأصله عند مسلم في صحيحه ١/ ٤٧٠ (٢٣٤)، وأحمد في مسنده ٤/ ١٤٥، ١٥٣ (١٧٣٥٢، ١٧٤٣١)، بدون (اللهم اجعلني من التوابين، واجعلني من المتطهرين).
(٣) أحكام القرآن ١/ ١٣٠.

<<  <   >  >>