للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

٨ - احتمال الترتيب أو التقديم والتأخير، كما في الاستدراك رقم (٣٨). (١)

هذه جُملَةُ أسباب الاختلاف في التفسير، الواقعة في زمن السلف، ويُلاحَظُ فيها أمور:

أولًا: أن أكثر أسباب الاختلاف في زمن السلف ترجعُ إلى أمرين:

أوَّلهُمَا: احتمال العموم أو الخصوص.

وثانِيهِما: احتمال اللفظ لأكثرَ من معنى.

وهُما سببان مُتَعَلِّقان بالمُفرَدَةِ القرآنيَّةِ، ودلالاتِها المُتعدِّدَة بحسب وضعها- لُغَةً وعُرفًا وشرعًا-، وسياقها- زمانًا ومكانًا-.

ثانيًا: من الأسباب المعتبرة في عصر الصحابة على الخصوص: العلم بالسنة النبوية؛ بلوغًا وثبوتًا وفهمًا، وتعدد القراءات في الآيات، ويَقِلُّ تأثير هذين السببين في خلاف من بَعدَهم.

ثالثًا: في مقابل كثرة وقوع الخلاف من جِهَةِ تلك الأسباب يَقِلُّ أن يوجد في زمن السلف اختلافٌ سببه الجهلُ أو الهوى؛ لِقِلَّة البدعِ وأهلِها في زمانِهم، وعلى الأخصِّ في زمن الصحابة ؛ فإنه أشرف العصور، (وكلما كان العصر أشرف، كان الاجتماع والائتلاف والعلم والبيان فيه أكثر) (٢).

رابعًا: تشتركُ جميعُ أسبابِ الاختلاف المذكورة في كونِها أسبابًا مُعتَبَرَة، والخلاف الناتج عنها له حَظٌّ من النظر، ونتيجته محتَرَمةٌ في كِلا نوعي الاختلاف: اختلاف التَّنَوعِ- وأكثرُ اختلافِهِم من هذا النوع-، واختلاف التضادّ.

وبِهذا يتبيَّنُ أثر استدراكات السلف في التفسير في بيان أصول أسباب الاختلاف فيه، وانحصارها في صُوَرٍ معدودة معتَبَرة، يرجع أكثرها إلى المُفرَدَةِ القرآنيَّةِ بدلالاتِها المُتعدِّدَة.

* * *


(١) وينظر: الدر ٣/ ٢٧١ عن ابن جريج.
(٢) مجموع الفتاوى ١٣/ ٣٣٢، وينظر: الموافقات ٥/ ٢٢١.

<<  <   >  >>