للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

وكان من أثر الاستدراكات في هذا الجانب إبرازه، وبيان مدى اهتمام مفسري السلف بالإشارة إليه تصريحًا وتلميحًا، ودِقَّتهم في تحديده في كل موضع، مع حسن الإشارة والأدب في تنبيه من وقع فيه، والزجر والإغلاظ على من استحقه من معاند أو مكابر. كما بَيَّن البحث أن هذه الأخطاء كانت أصول وبذور كُلِّ خطأٍ وانحراف حدث بعد ذلك في التفسير.

٣ - أسباب الاختلاف في التفسير، فقد تَبَيَّن من النظر في مجموع الاستدراكات عِدَّةَ أسبابٍ للاختلاف، ترجع على وجه العموم إلى جهتين: الأولى: المُفَسِّر. والثانية: الآيات القرآنية لفظًا ومعنىً. وقد أمكن حصرُ هذه الأسباب في ثمانية أوجه، كُلُّها أسبابٌ معتبرة، وليس فيها خلافٌ مبعثه جهلٌ أو هوى، وأكثرها راجعٌ إلى أمرين:

أوَّلهُمَا: احتمال العموم أو الخصوص.

وثانِيهِما: احتمال اللفظ لأكثرَ من معنى.

وهُما سببان مُتَعَلِّقان بالمُفرَدَةِ القرآنيَّةِ، ودلالاتِها المُتعدِّدَة بحسب وضعها- لُغَةً وشرعًا وعُرفًا-، وسياقها- زمانًا ومكانًا-.

٤ - التفسير بالرأي، وهو: اجتهادُ المفسِّر في فَهم القرآن وبيان معانيه. وقد اتَّضَحَ أثر الاستدراكات في التفسير على هذا الجانب من جِهَةِ بيان ما يدخله الرأي من التفسير، وأنواع الرأي، وما يُقبَلُ منه وما يُرَدّ، وأهمِّ أسباب ردِّه. وقد كان تفسير السلف بالرأي محصورًا في ما يصحُّ فيه إعمال الرأي والنظر، ثُمَّ التزم تفسيرهم بالمحمود من الرأي؛ وهو ما استند إلى علم صحيح، وتَبَيَّن أن الرأيَ المُخالف للعربية وللأدلة الشرعية رأيٌ مذموم، وأن موافقة العربية في ألفاظها وأساليبها، والأصول الشرعية وأدلَّتها، شرطانِ مُهِمَّان في صِحَّة الرأي المُفَسر به وقبوله، والعلم بِهِما هو ما يحتاجه المُفسر من العلوم، وبالقدر الذي تتبَيَّنُ له به معاني الآيات بلا

<<  <   >  >>