خامس عشر: تَجَلَّت في هذا الموضوع صورٌ مشرقةٌ من أدب الخلاف بين السلف، وحُسن البيان في الاعتراض، كما أوَضَّح البحث أسباب الإغلاظ في الرَدِّ أحيانًا، وتخريجه وتوجيهه، وقد احتوى في أثناء ذلك الخلاف على نماذج رائعة للرجوع إلى الحق عند ظهوره كما هو دأب القوم رحمهم الله تعالى.
هذه أبرز نتائج الدراسة، وقد اشتملت إلى ذلك على عدد من المسائل العلمية التي تحتاج إلى مزيد بيانٍ وقصدٍ بالجمع والتحقيق، إلى جانب بعض التوصيات الهادفة إلى رفع مستوى التأصيل والإيضاح لجُملَةٍ من علوم التفسير والقرآن، وأُجمِلُ جميع ذلك فيما يأتي:
أولًا: توجيه الباحثين إلى تمييز طرائق السلف ومناهجهم في هذا العلم، ومن ثَمَّ إفراد هذه الطرائق بالجمع والدراسة، واستخلاص أصول وشواهد علوم التفسير المتنوعة من هذا المجموع بعد ذلك، على سَنَن دراسة استدراكاتهم في التفسير.
ثانيًا: الدعوة إلى جمع مرويَّات التفسير وعلومه من جميع كتب الإسلام المسندة في كافَّة العلوم، لتكون موردًا أصيلًا لكلِّ دراسةٍ احتاجت إلى مطالعة تلك المرويَّات والصدور عنها. فقد رأيت أثناء جمعي لروايات الاستدراكات من كتب التفسير والسنة، أن ثَمَّةَ جُملَةً وافِرَةً من المرويات التفسيرية في غير هذه الكتب، وأخُصُّ من ذلك كتب اللغة والأدب، والوعظ والرقائق.
وهذا مشروع جليل ضخم، يحتاج إلى جهاتٍ إشرافية وتنفيذيَّة على قدرٍ عالٍ من الكفاءة والتحقق في هذا العلم. (١)
(١) تحقق هذا بفضل الله في "موسوعة التفسير المأثور" التي أصدرها معهد الإمام الشاطبي بجدة، سنة ١٤٣٩، في (٢٤) مجلدًا، شاركت فيها في عدد من أبحاث المقدمات، مع رئاسة قسم التوجيه العلمي للموسوعة.