للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

لأنفسنا) (١)، وقال ابن رجب (ت: ٧٩٥): (فأفضل العلوم في تفسير القرآن، ومعاني الحديث، والكلام في الحلال والحرام، ما كان مأثورًا عن الصحابة والتابعين وتابعيهم .. ، فضبط ما روي عنهم في ذلك أفضل العلم مع تفهُّمِه وتعقُّلِه والتفقُّه فيه، وفي كلامهم في ذلك كفاية وزيادة، فلا يوجد في كلام من بعدهم من حقٍّ إلا وهو في كلامهم موجودٌ بأوجزِ عبارةٍ، ولا يوجد في كلام من بعدهم من باطلٍ إلا وفي كلامهم ما يبين بطلانه لمن فهمه وتأمَّله، ويوجد في كلامهم من المعاني البديعة والمآخذ الدقيقة ما لا يهتدي إليه من بعدهم ولا يُلِمُّ به) (٢).

فمن هنا عظمت الرغبة في البحث عن آثار السلف في التفسير، وأنواع العلوم والمسالك التي سلكوها في بيان كلام الله تعالى، فكان منها هذا النوع اللطيف من البيان، الذي يدل على حرص السلف على تصحيح الفهم لمعاني الآيات، وإيضاح الأصح والأكمل في حَقِّها من المعاني، كُلُّ ذلك في نمطٍ رفيعٍ من الأدب وحُسنِ الخطاب. وفي هذا النوع من البيان يقصِدُ المفسِّرُ منهم تَعَقُّب قولٍ مذكور في تفسير الآية، وذكر رأيه فيها عقب اعتراضه، وهو ما يعرف ب"الاستدراك".

وهذا النوع من العلوم- الاستدراكات- موجود ومشهور عند السلف من لدن الصحابة فمن بعدهم (٣)، وفي تفاسير السلف في القرون الثلاثة الأولى على الأخص مواضع كثيرة من هذه الاستدراكات، تباينت طرقها وأغراضها، واتَّفقت


(١) مجموع الفتاوى ٤/ ١٥٧، وينظر: إعلام الموقعين ٢/ ١٥٠.
(٢) بيان فضل علم السلف على علم الخلف (ص: ٦٧).
(٣) ومنه ما جمعه أبو منصور البغدادي (ت: ٤٨٩) في "استدراك أم المؤمنين عائشة على الصحابة"، وهو ما بنى عليه الزركشي (ت: ٧٩٤) كتابه "الإجابة لإيراد ما استدركته عائشة على الصحابة"، الذي لخصه السيوطي (ت: ٩١١) وزاد عليه في "عين الإصابة فيما استدركته السيدة عائشة على الصحابة".

<<  <   >  >>