للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

فأقبلوا عليّ بلسان واحد وقالوا: تنْزع بآية من القرآن لا تعرفها، ولا تدري ما تأويلها. حتى تمنّيت أني لم أكن تكلمت، ثم أقبلوا يتحدثون، فلما حضر قيامهم، قالوا: إنك غُلام حَدَثَ السنّ، وإنك نزعت بآية لا تدري ما هي، وعسى أن تُدرك ذلك الزمان، إذا رأيت شُحًّا مُطاعًا، وهوىً مُتَّبعًا، وإعجابَ كلِّ ذي رأي برأيه، فعليك بنفسك، لا يضرك من ضلَّ إذا اهتديت) (١).

- وقال أبو بكر وهو على المنبر: (يا أيها الناس: إنكم تقرأُون هذه الآية على غير موضعها: ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا عَلَيْكُمْ أَنفُسَكُمْ لَا يَضُرُّكُمْ مَنْ ضَلَّ إِذَا اهْتَدَيْتُمْ﴾ [المائدة ١٠٥]، وإن الناس إذا رأوا الظالم فلم يأخذوا على يديه، عَمَّهُم الله بعقابه) (٢).

- وسُئِل ابن مسعود عن هذه الآية فقال: (ليس هذا بزمانها، إنها اليوم مقبولة، قولوها ما قُبلت منكم، فإذا رُدَّت عليكم فعليكم أنفسكم) (٣).

- وقيل لابن عمر : لو جلست هذه الأيام فلم تأمر، ولم تنهَ، فإن الله تعالى يقول ﴿عَلَيْكُمْ أَنفُسَكُمْ لَا يَضُرُّكُمْ مَنْ ضَلَّ إِذَا اهْتَدَيْتُمْ﴾ [المائدة ١٠٥]. فقال ابن عمر: (إنها ليست لي ولا لأصحابي، لأن رسول الله قال: (ألا فليُبلِغ الشاهد الغائب)، فكُنَّا نحن الشهود، وأنتم الغَيَب (٤)، ولكن هذه الآية لأقوام يجيئون من بعدنا، إن قالوا


(١) جامع البيان ٧/ ١٣٠ (١٠٠١٩)، وينظر: الدر ٣/ ١٩٩.
(٢) حديث صحيح، رُوي مرفوعًا وموقوفًا، أخرجه أبو داود ٤/ ١٢٣ (٤٣٤١)، والترمذي ٤/ ٤٦٧ (٢١٦٨) وصححه، والنسائي في الكبرى ٦/ ٣٣٨ (١١١٥٧)، وابن ماجة ٢/ ١٣٢٧ (٤٠٠٥)، وأحمد ١/ ٢، ٥، ٧، ٩ (١، ١٦، ٢٩، ٣٠، ٥٣)، وابن حبان ١/ ٥٤٠ (٣٠٥)، وابن جرير ٧/ ١٣٣ (١٠٠٣٠ - ١٠٠٣٢)، وينظر: تفسير ابن كثير ٣/ ١٢٦٠، والدر المنثور ٣/ ١٩٧. وقال الوزير المغربي (ت: ٤١٨) بعد ذكر قول أبي بكر هذا: (فدلَّ ذلك على أن قوله ﴿عَلَيْكُمْ أَنفُسَكُمْ﴾: في الفروض التي تلزمكم، ولا يضركم إخلال غيركم بها، ومن تلك الفروض الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر). المصابيح في تفسير القرآن (مخطوط، ص: ٢١٢).
(٣) جامع البيان ٧/ ١٢٨ (١٠٠١٥، ١٠٠١٨).
(٤) جمع غائب، وتُضبط: الغُيَّب.

<<  <   >  >>