٧ - وفي كُلِّ تلك الطُّرُق تمت مُقابلة الأسانيد والمُتُون والرِّوايات المُخْتلفة على مجموعة من أُمَّهات كُتُب التخريج من مثل: كتابنا "المُسند الجامع"، و"تُحفة الأشراف"، و"أطراف المُسند"، و"المَطالب العالية"، و"جامع المسانيد والسُّنن"، و"إتحاف الخِيرَة المَهَرة"، و"المَقْصد العَلي"، و"غايةِ المَقْصد في زوائد المُسند"، و"إتحاف المَهَرة"، و"مجمع الزَّوائد". ثم أشرنا إلى جُملة من كُتُب الحديث التي خَرَّجت كل طريق من طُرُق هذا الحديث مُضافةً إلى الكتب المُكَوِّنة لهذا "المُسْنَد المُصنَّف المُعَلَّل"، وثُبِّتَ كُلُّ ذلك في حواشي الكتاب لئلا تَخْتَلط بالأصل، وهي مئات من أشهر موارد الحديث.
٨ - على أنَّ حواشي الكتاب لم تقتصر على ذلك، فقد احتوَت على فوائدَ جمة من نحوِ تصحيح الطَّبْعات، وبيان الصَّواب في بعض الأسانيد والمُتون، وشَرْح الغريب، وتبيينِ المُبْهَم، والإحالةِ على مجموعةٍ كبير من النُّسَخ الخطيّة عند اختلاف الطَّبْعات أو تَبَاين قراءات المُحَقِّقينَ، فكُنّا حريصينَ على بيان الصَّواب بالبناء والتَّشييد لا بالتقليد المَذْموم الذي لا نَفْع فيه ولا اجتهاد، كما سيأتي بيانه مفصلًا عند الكلام على أهمية هذا الكتاب.
٩ - وختمنا كُلَّ حديثٍ بالفوائد المُشْتَمِلة على أمور عِدَّة أوجزناها في أول هذه المقدمة عند الكلام على معنَى "المُعَلَّل". ولو لم يكن فيه إلا هذا لكانَ وحده غاية يتمنَّاها عشّاقُ السُّنّة النبوية المُشَرَّفة العاملون بها أو بما يستفاد منها.
على أننا قد تَجَاوزنا عن بعض التَّعليقات التي لم نَجد لها معنًى في الصحة ولا أصلًا في الحقيقةِ، ومنها: كلامُ البَزَّار والطَّبَرانيّ في "الأوسط" في مسألة التَّفَرُّد التى لَجَّا فيها، وكثيرٌ منها مما يُرَدُّ عليهما، ولا سيما بعد التَّطور العلمي في الوقوف على جَميع طُرُق الحديث الذي ساعدت عليه الحسَّاباتُ (الكومبيوترات)، فضلًا عن أنَّ مسألةَ التَّفَرُّدِ لا تَعْنِي بأيِّ حالٍ من الأحوال ضَعْفًا في الحديث إذا كان المُتَفَرِّد من الثقات ولم يُخالَف، وإلّا فإنَّ ذلك مَفْسَدةٌ بيّنةٌ وإسقاطٌ لكثيرٍ من الأحاديث الصَّحيحة الثابتة عن النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم - والتي يتعيّن العملُ بها أو بما يستفادُ منها.
ولا بد لنا من التَّنبيه هنا على أنَّ قولَ المُتَحَدِّثِ في العِلَل:"وهو الصحيح"، أو "وهو الصواب" أو "هذا أصحُّ شيءٍ في هذا الباب"، أو "المُرْسل هو الصحيح"، أو "الموقوفُ هو الصحيح" ونحو ذلك من العبارات لا يعني صحة الحديث، كما هو معروفٌ عند دارسي عِلَل الحديث، فهذا حُكْمٌ على الطُّرُق التي يَرِدُ منها الحديث،