فأتاه سهيل بن عَمرو، فلما رآه النبي صَلى الله عَليه وسَلم قال: قد أراد القوم الصلح، حين بعثوا هذا الرجل، فلما انتهى إلى رسول الله صَلى الله عَليه وسَلم تكلما وأطالا الكلام، وتراجعا حتى جرى بينهما الصلح، فلما التأم الأمر، ولم يبق إلا الكتاب، وثب عمر بن الخطاب، فأتى أبا بكر، فقال: يا أبا بكر، أوليس برسول الله صَلى الله عَليه وسَلم؟ أولسنا بالمسلمين؟ أوليسوا بالمشركين؟ قال: بلى، قال: فعلام نعطي الذلة في ديننا؟ فقال أَبو بكر: يا عمر، الزم غرزه حيث كان، فإني أشهد أنه رسول الله، قال عمر: وأنا أشهد، ثم أتى رسول الله صَلى الله عَليه وسَلم فقال: يا رسول الله، أولسنا بالمسلمين؟ أوليسوا بالمشركين؟ قال: بلى، قال: فعلام نعطي الذلة في ديننا؟ فقال: أنا عبد الله ورسوله، لن أخالف أمره، ولن يضيعني، ثم قال عمر: ما زلت أصوم، وأتصدق، وأصلي، وأعتق، من الذي صنعت، مخافة كلامي الذي تكلمت به يومئذ، حتى رجوت أن يكون خيرا، قال: ودعا رسول الله صَلى الله عَليه وسَلم علي بن أبي طالب، فقال له رسول الله صَلى الله عَليه وسَلم: اكتب بسم الله الرَّحمَن الرحيم، فقال سهيل بن عَمرو: لا أعرف هذا، ولكن اكتب باسمك اللهم، فقال له رسول الله صَلى الله عَليه وسَلم: اكتب باسمك اللهم، هذا ما صالح عليه محمد رسول الله سهيل بن عَمرو، فقال: لو شهدت أنك رسول الله لم أقاتلك، ولكن اكتب: هذا ما اصطلح عليه محمد بن عبد الله، وسهيل بن عَمرو، على وضع الحرب عشر سنين، يأمن فيهن الناس، ويكف بعضهم عن بعض، على أنه من أتى رسول الله صَلى الله عَليه وسَلم من أصحابه، بغير إذن وليه، رده عليهم، ومن أتى قريشا ممن مع رسول الله صَلى الله عَليه وسَلم لم يردوه عليه، وإن بيننا عيبة مكفوفة، وأنه لا إسلال ولا إغلال، وكان في شرطهم حين كتبوا الكتاب: أنه من أحب أن يدخل في عقد محمد وعهده دخل فيه، ومن أحب أن يدخل في عقد قريش وعهدهم دخل فيه، فتواثبت خزاعة، فقالوا: نحن مع عقد رسول الله صَلى الله عَليه وسَلم وعهده، وتواثبت بنو بكر، فقالوا: نحن في عقد قريش وعهدهم، وإنك ترجع عنا عامنا هذا، فلا تدخل علينا مكة، وأنه إذا
⦗٣٣١⦘
كان عام قابل خرجنا عنك، فتدخلها بأصحابك، وأقمت فيهم ثلاثا، معك سلاح الراكب، لا تدخلها بغير السيوف في القرب،