فقلت: الدعوة عندي الليلة، فقال: لقد سبقتني إليها، فقلت: أجل، قال: فجاءنا، فقال: يا معشر الأنصار، ألا أعلمكم بحديث من حديثكم؟ قال: لما فتح رسول الله صَلى الله عَليه وسَلم مكة، استعمل رسول الله صَلى الله عَليه وسَلم الزبير بن العوام على إحدى المجنبتين، وخالد بن الوليد على الأخرى، قال: فبصر بي رسول الله صَلى الله عَليه وسَلم في كبكبة، فهتف بي، قلت: لبيك يا رسول الله، قال: اهتف لي بالأنصار، فهتفت بهم، فطافوا برسول الله صَلى الله عَليه وسَلم كأنهم كانوا على ميعاد، قال: يا معشر الأنصار، إن قريشا قد جمعوا لنا، فإذا لقيتموهم فاحصدوهم حصدا، حتى توافوني بالصفا، الصفا ميعادكم، قال أَبو هريرة: فما لقينا منهم أحدا إلا فعلنا به كذا وكذا، وجاء أَبو سفيان، فقال: يا رسول الله، أبحت خضراء قريش، لا قريش بعد اليوم، قال رسول الله صَلى الله عَليه وسَلم: من أغلق بابه فهو آمن، ومن دخل دار أبي سفيان فهو آمن، ومن ألقى السلاح فهو آمن، ولجأت صناديد قريش وعظماؤها إلى الكعبة، يعني دخلوا فيها، قال: فجاء رسول الله صَلى الله عَليه وسَلم حتى طاف بالبيت، فجعل يمر بتلك الأصنام فيطعنها بسية القوس، ويقول:{جاء الحق وزهق الباطل إن الباطل كان زهوقا}، حتى إذا فرغ وصلى، جاء فأخذ بعضادتي الباب، ثم قال: يا معشر قريش، ما تقولون؟ قالوا: نقول: ابن أخ، وابن عم، رحيم كريم، ثم عاد عليهم القول، قالوا مثل ذلك، قال: فإني أقول كما قال أخي يوسف: {لا تثريب عليكم اليوم يغفر الله لكم وهو أرحم الراحمين}، فخرجوا فبايعوه على الإسلام، ثم أتى الصفا لميعاد الأنصار، فقام على الصفا على مكان يرى البيت منه، فحمد الله وأثنى عليه، وذكر نصره إياه، فقالت الأنصار، وهم أسفل منه: أما الرجل فقد أدركته رافة لقرابته، ورغبته في عشيرته، فجاءه الوحي بذلك، قال أَبو هريرة: وكان رسول الله صَلى الله عَليه وسَلم إذا جاءه الوحي لم يستطع أحد منا يرفع طرفه إليه، حتى ينقضي الوحي عنه، فلما قضي الوحي، قال: هيه يا معشر الأنصار، قلتم: أما الرجل فأدركته رافة بقرابته، ورغبة في عشيرته؟ والله إني لرسول الله، لقد هاجرت إلى الله ثم إليكم، المحيا محياكم، والممات مماتكم، قال أَبو هريرة: فرأيت
⦗٦٦٧⦘
الشيوخ يبكون حتى بل الدموع لحاهم، ثم قالوا: معذرة إلى الله ورسوله، والله ما قلنا إلا ضنا بالله وبرسوله، قال: فإن الله قد صدقكم ورسوله، وقبل قولكم» (١).