فأرسلوا إليه: كيف تفهم ونفهم ونحن ستون رجلا؟ اخرج في ثلاثة من أصحابك، ويخرج إليك ثلاثة من علمائنا، فليسمعوا منك، فإن آمنوا بك آمنا كلنا وصدقناك، فخرج النبي صَلى الله عَليه وسَلم في ثلاثة نفر من أصحابه، واشتملوا على الخناجر، وأرادوا الفتك برسول الله صَلى الله عَليه وسَلم فأرسلت امرأة ناصحة من بني النضير إلى بني أخيها، وهو رجل مسلم من الأنصار، فأخبرته خبر ما أرادت بنو النضير من الغدر برسول الله صَلى الله عَليه وسَلم فأقبل أخوها سريعا حتى أدرك النبي صَلى الله عَليه وسَلم فساره بخبرهم قبل أن يصل النبي صَلى الله عَليه وسَلم إليهم، فرجع النبي صَلى الله عَليه وسَلم فلما كان من الغد غدا عليهم رسول الله صَلى الله عَليه وسَلم بالكتائب فحاصرهم، وقال لهم: إنكم لا تامنون عندي إلا بعهد تعاهدوني عليه، فأَبوا أن يعطوه عهدا، فقاتلهم يومهم ذلك هو والمسلمون، ثم غدا الغد على بني قريظة بالخيل والكتائب، وترك بني النضير، ودعاهم إلى أن يعاهدوه،
⦗١٩٤⦘
فعاهدوه، فانصرف عنهم، وغدا إلى بني النضير بالكتائب فقاتلهم، حتى نزلوا على الجلاء، وعلى أن لهم ما أقلت الإبل، إلا الحلقة، والحلقة السلاح، فجاءت بنو النضير واحتملوا ما أقلت إبل من أمتعتهم، وأَبواب بيوتهم، وخشبها، فكانوا يخربون بيوتهم فيهدمونها، فيحملون ما وافقهم من خشبها، وكان جلاؤهم ذلك أول حشر الناس إلى الشام، وكان بنو النضير من سبط من أسباط بني إسرائيل، لم يصبهم جلاء منذ كتب الله على بني إسرائيل الجلاء، فلذلك أجلاهم رسول الله صَلى الله عَليه وسَلم فلولا ما كتب الله عليهم من الجلاء لعذبهم في الدنيا، كما عذبت بنو قريظة، فأنزل الله:{سبح لله ما في السماوات وما في الأرض وهو العزيز الحكيم} حتى بلغ: {والله على كل شيء قدير}،