فاستدل شافعي يخالف مذهب مالك وأحمد، ويوافق مذهب أبي حنيفة، في إيجاب النصف، فقال: كل شيئين كان الواجب بإتلافهما معًا الدية، وجبت في أحدهما بعد ذهاب الآخر نصف الدية؛ كاليدين والرجلين.
طولب بصحة العلة، فقال: لأن ما في البدن منه اثنان، فإن الغرض الذي لأجله خلقا لا يتم إلا بتساعدهما وتعاضدهما. وهذا يعطي أن كل واحد منهما بحدته ناقص عن تحصيل الغرض بنفسه. فلا يعطى كمال العوض مع كونه لا يعطي كمال الغرض. بخلاف الأنف والذكر، فإن كل واحد منهما مستقل بالغرض الذي خلق له.
أخذ الحنبلي يقول: إن عثمان قضى بذلك؛ وهو مذهب عمر، وعلي، وابن عمر. وليس مما يقتضيه القياس. فالظاهر أنهم عملوا بذلك توقيفًا. وقد روي في ذلك حديث يعطي أنه ليس من قبيل اليدين؛ وأن النبي صلع قال: إن الله، إذا أذهب ضوء إحدى العينين، نقله إلى الأخرى. ولهذا يبلغ بإحداهما من الأغراض ما يبلغ بالعينين من النظر بالحذاء، ونقط المصاحف، وانتقاد الدراهم، وغير ذلك، بخلاف إحدى اليدين والرجلين.