ويعطيه ما يراه، لا ما طلبه. فكذلك الطبيب؛ وكذلك المؤدب. وما كان ذلك إلا لمرتبة المعرفة من الطبيب، والأدب من المؤدب، والإشفاق من الأب. فحكمة الله جامعة لما يفرق في هؤلاء. وهو الممد لهؤلاء بالإشفاق والآداب والحكم. فهو أحق بالتسليم وترك التمني عليه والتجني. فمن عاش مع الله كذا تعجل الراحة في الدنيا، وسلمت عاقبته في الأخرى.
٨٨ - روي أن رسول الله صلعم سأل وفد عبد القيس:((ما المروءة فيكم؟ )) قالوا: العفة والحرفة. فقال صلعم:((خير الكسب كسب اليد لمن نصح.)) ثم قال: ((إن من الكف لأمان من الفقر.))
٨٩ - بعث زياد إلى معاوية رجلاً من بني تميم يقال له أنجد بن قيس. وكان له غناء يوم صفين مع أمير المؤمنين علي عم. فقال له معاوية:((أنت القائم في الفتنة علينا والمكثر عدونا.)) فقال: ((يا أمير المؤمنين! إنها كانت فتنة عمياء نزل فيها الرضيع، وخف الرفيع؛ فاحتدمت، وأكلت علينا ثم شربت؛ حتى إذا حسرت ظلماؤها، وكشف غطاؤها، وآل الأمر إلى مآله، وصرح الحق عن محضه، عرفنا خليفتنا، وتركنا فتنتنا، ولزمنا عصمتنا؛ ومن يحدث متاباً، لم يرد الله به عقاباً.)) فقربه معاوية وأحسن إليه.